Follow @twitterapi
الرد القويم المعبر على رسالة عدم الرفع والضم لعلي يحيى معمر (1)

الموضوع : الرد القويم المعبر على رسالة عدم الرفع والضم لعلي يحيى معمر (1)

القسم : جحد الإباضية لصحيح السنة النبوية |   الزوار  : 9857

 

كتبه : أبو صالح اليمني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد ،

فهذه رسالة اعددتها ، مختصراً فيها الرد على أحد أعلام الفقه الإباضي وهو الشيخ علي يحيى معمر -رحمه الله- وهي في موضوع الرفع والضم في الصلاة وهي الحلقة الأولى.

الشيخ علي-عفا الله عنه- حاول في رسالته أن يبين عدم سنية الرفع والضم في الصلاة وإستدل بأدلة كثيرة والتي بدأت في الرد عليها في سلسلة أرجوا من الله العلي القدير أن يعينني على إتمامها.

أرجوا أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله الكريم لا أريد منه غير بيان الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة ومدا تمسكهم بسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأريد التنبيه على اني لست من أهل العلم وإنما أبحث عن الحق أينما كان وأتمسك به وأعض عليه بالنواجذ وإن خالفت الناس.

تنبيه: الخطأ وارد ، فمن لديه ملاحظات أو تصحيح ، أرجوا أن يبينه وله من الله جل وعلى الأجر والمثوبة.

لا تنسوني من دعائكم الصالح

والله من وراء القصد
أخوكم: أبو صالح العوبثاني اليماني العماني
غفر الله ذنوبه وستر عيوبه


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد ،

طلب الىّ أخ فاضل –رعاه الله- بحثاً حول موضوع الرفع والضم في الصلاة وقد ذكر لي في خطابه الأول ان الإرسال ليس من المحظورات بحق حتى ينتهك في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وعلل ذلك بفعل بعض من الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين. وهذه كما ترون شبهة من الشبه المعتادة حول موضوع واجبات وسنن الصلاة النبوية التي أمرنا بإتباعها ، وإني –مع قصوري في العلم- سأحاول تفنيد هذه المسألة في بحث مختصر حسب ما اعلم من بطون مؤلفات الحديث وأقول: وعلى الله التكلان وبه يستعان:

يجب علينا ان نتفق على حكم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذا مصداق قول الله جل وعز في كتابه: ((اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) المائدة 3 ، وقال تعالى: ((أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون)) العنكبوت 51 ، وقال تعالى: ((إتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون)) الأعراف 3 ، وقال تعالى في التحاكم:((فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)) النساء59 ، وفي هذا كثير في الحض على طاعة الله وطاعة نبيه والتحذير من عصيانه صلى الله عليه وسلم.

ومن احاديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:

كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة من صحيح محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري رحمه الله ورضي عنه فهو افضل ما ألف في هذا الباب.

قال الإمام مسلم في صحيحه: عن جابر رضي الله عنه في صفة حجة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(( وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله)) <1>

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها الا هالك)) قال المنذري في الترغيب: رواه ابن ابي عاصم في كتاب السنة بإسناد حسن <2> ص18. قلت: بل هو صحيح كما قال الألباني: حديث صحيح رجاله ثقات على ضعف في أبي صالح كما تقدم (33) ولكن له متابع قوي خرجته هناك من رواية أحمد وابن ماجة والحاكم ويشهد له الطريق الآتية. قلت: وهي رواية اخرى عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن العرباض به. والحديث صحيح ايضاً من رواية ابي الدرداء رضي الله عنه لابن ابي عاصم <3> ص27.

قال الإمام أحمد رحمه الله في مسنده عن عبد الله بن عمرو انه تزوج امرأة من قريش فكان لا ياتيها ، كان يشغله الصوم والصلاة ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه ((... إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته الى سنتي فقد أفلح ومن كانت الى غير ذلك فقد هلك)) قال المنذري في الترغيب رواه ابن ابي عاصم في السنة وابن حبان في صحيحه <2> ص18. قلت: والحديث صحيح كما قال الألباني ، إسناده صحيح على شرط الشيخين <3> ص28.

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى عليه وسلم يقول: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار)) رواه ابو داود والترمذي وابن ماجة والإمام أحمد والدارمي والحاكم في المستدرك وقال في بعض طرقه على شرط الشيخين وقال الحافظ مقبل رحمه الله: وليس كما يقول فإن عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة ليس من رجالهما <2> ص66. قلت:الحديث مخرج في كثير من كتب السنة منها كتاب السنة لإبن ابي عاصم ، والجزء الثاني من الأثر موجود في كثير من كتب الحديث منها الصحيحان.

قلت: ومن الأحاديث والآثار المعروفة في الحض على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله: ((من رغب عن سنتي فليس مني)) راجع قول الألباني <3> ص31 ، وهو مروي في كتب الحديث والسنن ومنها رواية للإمام أحمد ذكرتها قبل الأثر السابق.

المعلوم ان الصلاة من شعائر الدين الواجبة على كل مسلم عاقل بالغ وهي ركن من أركان الإسلام ومن تركها فقد كفر كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وقد أمر الله بإقامة الصلاة والأمر للوجوب في القرآن وذلك في مواضع عدة ولا يخفى ان القرآن هو اصل الشرع ثم السنة ، وفي صفة الصلاة لم تأتي الآيات إلا مجملة غير شارحة للصفة وترك الشارع ذلك لنبيه صلى الله عليه وسلم لكي يبينها على اكمل وجه فقال بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وهو حديث متواتر مشهور. أما صفة الصلاة التي لا يقبل الله الا هي (اي ان العبادات توقيفية ، فلا يجوز الإبتداع فيها) فقد بينها نبينا صلى الله عليه وسلم في أحاديثه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. ومن المعلوم ايضاً ان احاديث الصلاة كغيرها من العبادات والمعاملات منثورة مفرقة عند كثير من الصحابة الكرام ، فترى احاديث للقراءة وهيئة الركوع وصفة السجود كل له اثره ومنها ما هو مجموع في حديث واحد. وقد تناقلوها في الأمصار بعد الفتوحات ورووها بإسنادهم الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذلك لعدالة الصحابة فلا يرد قولهم فهم يعلمون خطر الكذب على النبي بقوله صلى الله عليه وسلم: (( من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) سنده إلى عائشة رضي الله عنها وهو في الصحيحين ومعلوم عند الأمة جمعاء أن هذا الحديث متواتر. وهنا أريد ان استوقف القاريء حول جهود اهل الحديث في جمع آثار النبي صلى الله عليه وسلم.

أهل الحديث هم الرجال الذين وهبو حياتهم ووقتهم ومالهم لخدمة الدين من حيث جمع أدلته من أقوال أو أفعال أو إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عين معنى السنة. فكل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم قد علمه الصحابة وتناقلوه حتى ورثه التابعون بإحسان ومن ثم التابعون لهم ومن ثم الأئمة والمتعبدون والحفاظ حتى وصل الينا من غير عناء. فنحن عالة عليهم في ذلك فجزاهم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين وجعل الجنة مثواهم. ولمعرفة طبقاتهم فيرجع لكتاب الإكمال لابن ماكولا والكمال في معرفة الرجال للحافظ عبد الغني المقدسي أوتقريب التهذيب والإصابة في معرفة الصحابة للحافظ بن حجر العسقلاني وسير اعلام النبلاء للحافظ الذهبي وتذكرة الحفاظ له رحمهم الله اجمعين وجمعنا بهم.

ما هي الصلاة؟
الصلاة في اللغة هي: الدعاء ، وفي الإصطلاح: هي أقوال وأفعال مبتدئة بالتكبير ومنتهية بالتسليم. وقد وردت صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في جل كبير من الأحاديث ، فتناقلها الأئمة فمنها الصحيح والحسن والضعيف والمكذوب وأعظم كتاب في موضوع صفة صلاة النبي صلىالله عليه وسلم الصحيحة من كتب الحديث هو كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانك تراها من التكبير الى التسليم للحافظ المحدث الكبير محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله وهو مطبوع ومتداول فالحمد لله. وما يهمنا في هذا البحث هي السنن الواردة لا سيما الرفع والضم. وهي سنة لا شك فيها وذلك بإجماع الأمة وتواتر احاديثها معلوم ولكن الإختلاف كان في بعض مواضع الرفع والتي سوف أذكر ادلتها كلها – إن شاء الله تعالى-. والأصل في السنن الندب وهو ان فاعلها يثاب ولا يعاقب تاركها. وهذا من فضل الله العظيم على عباده. وقد أحال الأخ الفاضل -رعاه الله- الىّ بحث لأحد الإباضية في هذا الموضوع. وقد سطرت ايدي كثيرة في الباب اذكر منها:
فتوى الزيدية بمحافظة دمّاج باليمن في عدم سنية الرفع والضم في الصلاة
فتاوى متعددة من قبل آيات قم والنجف الرافضة قاتلهم الله وعاقبهم بما يستحقون
رسالة علي يحيى معمر الإباضي في الرفع والضم ونحن بصدد ذكرها
رسالة أحمد (على ما اذكر) السيابي الإباضي على كتاب الألباني الآنف الذكر
قول لمحدث الإباضية / سعيد بن مبروك القنوبي في هذه المسألة

فمن اراد الردود التامة على جميع الشبه فاليقتني كتاب: جزء الرفع والضم في الصلاة لأمير المؤمنين في الحديث ، الإمام البخاري رحمه الله تعالى ورضي عنه ، فقد كفا واستكفى رحمه الله في هذا الباب.

أما الرسائل الخاصة فالأول رد عليهم المحدث اليماني الحافظ/ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وهو من أفضل البحوث الحديثية المشحونة بالأدلة الناسفة لقول الزيدية وهو كتاب/ رياض الجنة في الرد على أعداء السنة
أما الثاني فإن المسلمين قاطبة لا ينزلون الى منزلة الكلام مع الرافضة فكيف بالرد عليهم فليس لديهم علم ورحم الله الحافظ شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: "سبحان الله .. خلق الله الكذب وجعل تسعة اعشاره في الرافضة" أ.ه
أما الثالث فقد رد عليه الألباني رحمه الله في مقدمة الطبعة السابعة من كتاب صفة الصلاة المذكور ورد السيابي في رسالة مضمونها لا يساوي مدادها وفيه من بتر للنصوص والتدليس المتعمد ما لا يعلمه إلا الله وصدق "سن القلم" في سؤاله على القنوبي في قيمة هذا الكتاب في أوساط الإباضية. وسوف أرد على السيابي -هداه الله- في الحلقات القادمة من هذه الرسالة -إن شاء الله-.
أما الرابع والخامس فقد بينه الشيخ الألباني في رده على السيابي ولكن سأحاول الجمع لتعم الفائدة لأخ حميم طالب للحق متجرد من المذهبية والتعصب بارك الله فيه وأرجوا العلم بأني لست ممن يناط بهم العلم ولست بهذه الكلمات ممن يناظر شيخاً كالشيخ علي معمر ولكني اردت فقط بيان ما عليه اهل السنة والجماعة في هذا الموضوع قدر علمي ، وسترى اخي القاريء تجردي للحق من المذهبية والحزبية الشنعاء.

أسلوبي في رد رسالة الشيخ علي معمر –عفا الله عنه- سيكون بطريقة ذكر الشبهة ثم ردها "إن أمكن" وقد عللت ذلك بقلة علمي ومن ثم اذكر ادلة اهل السنة ومن ثم الخاتمة –إن شاء الله- وهذا جهد مقل ، لك أخي القاريء غرمه ولي ظلمه فأقول وبالله أستعين:

قال الشيخ علي يحيى معمر في رسالته في معرض ذكره الأدلة التي يستند الإباضية عليها في منع الرفع والضم :" أما الإباضية فيرون عدم رفع الأيدي "مطلقا" في الصلاة وكذلك عدم وضع اليمنى على اليسرى وهو ما يسميه بعض العلماء (القبض) ولهم أدلة في ذلك من السنة ومن التاريخ نذكر منها ما يلي:
الحديث الصريح في النهي عن رفع الأيدي في الصلاة الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ورواه أيضا النسائي في سننه عن جابر بن سمره وهذا نصه عند النسائي: (خرج علينا رسول الله (ص) ونحن رافعو أيدينا في الصلاة فقال ما بالهم رافعي أيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس. اسكنوا في الصلاة. وفي رواية أبي داود: مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس. اسكنوا في صلاتكم. ففي هذا الحديث الشريف ينهى النبي(ص) عن الرفع بصريح كلامه والنهي مقدم على الأمر لقوله (ص) : (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا). "

قلت (أبو صالح): هذا يدل على ثلاثة امور لا رابع لها وهي:
· جهل الشيخ بأدلة الحديث وهذا خلاف ما اراه من ذكره ادلة شرعية
· قلة علمه في الحديث ولا اعهده بذلك لانه يذكر طرق الدليل ومن خرج له
· تدليسه على العوام بعدم ذكر أدلة المسألة كاملة! فلست ممن يحكم على
سرائر الناس فهذا في علم الله جل وعلى.

وأترك الحكم للقاريء بعد إتمامه الرسالة.

سأذكر الآن طرق هذا الأثر في الباب ومن خرج له مبتدأ بالصحيح ومن ثم ذكر الروايات في السنن مع حكم الدليل –إن أمكن- إن شاء الله:

· مرويات الإمام مسلم القشيري النيسابوري من صحيحه <1>: باب الأمر بالسكون في الصلاة، والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام، وإتمام الصفوف الأول والتراص فيها والأمر بالاجتماع ص152 ج4

حديث 1: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة؛ قال‏:‏ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال ‏"‏مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس‏؟‏ اسكنوا في الصلاة‏"‏ قال ثم خرج علينا فرآنا حلقا‏.‏ فقال ‏"‏ما لي أراكم عزين‏؟‏‏"‏ قال ثم خرج علينا فقال ‏"‏ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها‏؟‏‏"‏ فقلنا‏:‏ يا رسول الله‏!‏ وكيف تصف الملائكة عند ربها‏؟‏ قال ‏"‏يتمون الصفوف الأول‏.‏ ويتراصون في الصف‏"‏‏.‏ قلت: رواه الإمام أحمد في مسنده

قال الإمام مسلم: وحدثني أبو سعيد الأشج‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس‏.‏ قالا جميعا‏:‏ حدثنا الأعمش، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏

‏حديث 2: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ قال‏:‏ حدثنا وكيع عن مسعر‏.‏ ح وحدثنا أبو كريب ‏(‏واللفظ له‏)‏ قال‏:‏ أخبرنا ابن أبي زائدة عن مسعر‏.‏ حدثني عبيدالله بن القبطية عن جابر بن سمرة؛ قال‏:‏ كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله‏.‏ السلام عليكم ورحمة الله‏.‏ وأشار بيده إلى الجانبين‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس‏؟‏ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه‏.‏ ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله‏"‏‏.‏

حديث 3: وحدثنا القاسم بن زكرياء‏.‏ حدثنا عبيدالله بن موسى عن إسرائيل، عن فرات ‏(‏يعني القزاز‏)‏ عن عبيدالله (قلت أبو صالح: هو عبيد الله بن القبطية كما سبق في الأثر السابق) ، عن جابر بن سمرة؛ قال‏:‏ صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فكنا إذا سلمنا، قلنا بأيدينا‏:‏ السلام عليكم‏.‏ السلام عليكم‏.‏ فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏ما شأنكم‏؟‏ تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس‏؟‏ إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده‏"‏‏.‏

· مرويات الإمام أبو داود السجستاني صاحب السنن <4>: باب في السلام ص158

حديث 1: حدثنا عثمان بن ابي شيبة حدثنا يحيى بن زكريا ووكيع (قلت أبو صالح: هو وكيع بن الجراح ، احد الأئمة الاعلام ولقي كثيراً من التابعين) عن مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة قال: كنا اذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم أحدنا ، أشار بيده من عن يمينه ومن عن يساره فلما صلى قال: "ما بال أحدكم يرمي بيده كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدكم - أو ألا يكفي - أحدكم أن يقول هكذا" وأشار بأصبعه "يسلم من عن يمينه ومن عن شماله". قلت: الحديث صحيح ورواه مسلم كما سبق

حديث 2: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، حدثنا أبو نعيم عن مسعر بإسناد ومعناه قال: "أما يكفي أحدكم أو أحدهم ان يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله".

حديث 3: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم الطائي (قلت أبو صالح: وهو تميم بن طرفة الطائي كما سبق) عن جابر بن سمرة قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس رافعوا أيديهم قال زهير: أراه قال "في الصلاة" فقال: "مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس أسكنوا في الصلاة".

· مرويات الإمام النسائي صاحب السنن <5>: باب السلام بالأيدي في الصلاة ص83 ج2

حديث 1: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبثر عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعوا ايدينا في الصلاة فقال: "ما بالهم رافعين أيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس ، أسكنوا في الصلاة". قلت: قال الحافظ جلال الدين السيوطي: حديث صحيح

حديث 2: أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا يحيى بن آدم عن مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنسلم بأيدينا فقال: "ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس أما يكفي أحدهم ان يضع يده على فخذه ثم يقول: السلام عليكم ، السلام عليكم". قلت: قال جلا الدين السيوطي: حديث صحيح وقال الحافظ الألباني: حديث صحيح

باب موضع اليدين عند السلام ص158 ج2

حديث 3: أخبرنا عمروا بن علي ، قال: حدثنا أبو نعيم عن مسعر عن عبيد الله بن القبطية قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ، السلام عليكم ، وأشار مسعر بيده عن يمينه وعن شماله ، فقال: ((ما بال هؤلاء الذين يرمون بأيديهم كأنها أذناب الخيل الشمس ، أما يكفي ان يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله)) قال السيوطي: صحيح وكذلك الألباني.

· مرويات إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني صاحب المسند <6>: جزء حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه ج5

حديث 1: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد أنبأنا مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة قال‏:‏ "‏كنا إذا صلينا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا‏:‏ السلام عليكم بأيدينا يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما بال أقوام يرمون بأيديهم كأنها أذناب الخيل الشمس ألا يسكن أحدكم ويشير بيده على فخذه ثم يسلم على صاحبه عن يمينه وعن شماله‏"‏‏. حديث صحيح

حديث 2: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد أنبأنا مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة قال‏:‏ "كنا إذا صلينا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا‏:‏ السلام عليكم بأيدينا يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما بال أقوام يرمون بأيديهم كأنها أذناب الخيل الشمس لا يسكن أحدهم ويشير بيده على فخذه ثم يسلم على صاحبه عن يمينه وعن شماله‏"‏‏.‏ حديث صحيح وهو ما فوقه ، الإختلاف هو في كلمة " الشمس لا يسكن"

حديث 3: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان قال‏:‏ سمعت المسيب بن رافع يحدث عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج على أصحابه فقال‏:‏ ما لي أراكم عزين وهم قعود‏"‏‏.‏ حديث صحيح ، قلت: نلاحظ ان هذا الأثر انما ذكر بهذا اللفظ على سبيل الإختصار من الأصل وهو كما في مسلم وتتمة الحديث تشمل الأثر التالي والذي روي من السند ذاته

حديث 4: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان قال‏:‏ سمعت المسيب بن رافع يحدث عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة‏ "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المسجد فأبصر قوما قد رفعوا أيديهم فقال‏:‏ قد رفعوها كأنها أذناب الخيل الشمس اسنكوا في الصلاة‏"‏‏.‏

حديث 5: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى بن سعيد عن الأعمش حدثني مسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة‏:‏ "‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وهو حلق فقال‏:‏ ما لي أراكم عزين ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد رفعوا أيديهم فقال‏:‏ قد رفعوها كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة‏"‏‏.‏ قلت: نلاحظ ان الأثرين السابقين مذكوران هنا ولكنه من طريق يحيى عن الأعمش عن المسيب –رحمهم الله اجمعين- عن تميم به

حديث 6: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال‏:‏ "‏خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال‏:‏ ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة ثم خرج علينا فرآنا حلقا فقال‏:‏ ما لي أراكم عزين ثم خرج علينا فقال‏:‏ ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها قال‏:‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها قال‏:‏ يتمون الصفوف الأولى ويتراصون في الصف‏".‏ أخرجه مسلم كما سبق.

حديث 7: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن عبيد حدثنا مسعر عن عبيد الله بن القبطية قال‏:‏ سمعت جابر بن سمرة قال‏:‏ "‏كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمنا‏:‏ السلام عليكم السلام عليكم يشير أحدنا بيده عن يمينه وعن شماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس ألا يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله‏"‏‏. حديث صحيح‏ ، نلاحظ ان سنده قوي حيث انه بين الإمام أحمد والنبي صلى الله عليه وسلم أربعة رجال وهم عدول ثقات اثبات.

حديث 8: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة الطائي عن جابر بن سمرة السوائي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها تبارك وتعالى قال قلنا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها قال‏:‏ يتممون الصفوف الأول ويتراصون في الصف‏".‏ حديث صحيح ، وهذا تتمة الحديث الخامس وهو من طريق يحيى بن سعيد عن الإمام الأعمش رحمهم الله اجمعين. أخرجه مسلم.

حديث 9: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال‏:‏ "‏دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعي أيدينا في الصلاة فقال‏:‏ ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة قال ودخل علينا المسجد ونحن حلق متفرقون فقال‏:‏ ما لي أراكم عزين‏".‏ أخرجه مسلم.

حديث 10: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا مسعر عن عبد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة قال‏:‏ "كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار أحدنا إلى أخيه من عن يمينه ومن عن شماله فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ما بال أحدكم يفعل هذا كأنها أذناب خيل شمس إنما يكفي أحدكم أو }أ{لا يكفي أحدكم أن يقول هكذا ووضع يمينه على فخذه وأشار بإصبعه يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله‏"‏‏.‏ أخرجه مسلم ، نلاحظ ان هذا الأثر والذي قبله حدث بهما إمام الحديث وكيع بن الجراح الى الإمام أحمد

يعلم الله مدى جهدي في البحث عن الروايات والتخريجات من كتب الحديث ولكن صادمني عدم توفرها في عمان ومع ذا ، قرأت في تخريجات الحافظ الوادعي بعض الكتب الحديثية التي خرّجت الأثر وهي:
· السنن الكبرى للبيهقي و سنن الدارمي والدارقطني
· صحيح بن خزيمة و صحيح بن حبان

فأسأل الله ان يعينني على ايجادها وذكر بقية الروايات في حلقات قادمة –إن شاء الله-.

وعلى ضوء ما ذكرت من روايات نستخلص انه يبطل إستدلال الشيخ علي بالحديث المذكور في رسالته وذلك للأوجه التالية:

الوجه الأول: نستخلص مما سبق ان روايات الحديث صحيحة وعلو إسنادها وكثرة طرقها تشهد له بذلك ، فلا يمكن رده لأي شيء بعد هذا. فالأولى الآن هو معرفة معنى الحديث العام والخاص. فحديث تميم العام يبين حال الصحابة حين الصلاة ووقوع الأخطاء الثلاثة وهي في رفع الأيدي في الصلاة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسكون فيها والثاني تكوّنهم حلقاً فبين النبي صلى الله عليه وسلم إنكاره بقوله "مالي اراكم عزين" والثالث عدم صفّهم متراصين فبين النبي صلى الله عليه وسلم هيئة صف الملائكة. أما حديث عبيد الله بن القبطية فهو خاص في مسألة رفع الأيدي حيال السلام وهو إستكمال لحديث تميم فاللفظ واحد مع الزيادة في ذكر صفة السلام الصحيحة. فالمعلوم هو حمل الخاص على العام في شرح الآثار فحديث عبيد الله هو المبين لمجمل حديث تميم فنحمل المعنى على حديث عبيد الله وهذا عين ما فعله المحدثون على ضوء فهمهم من الأثر ، فجمعوا الروايات في باب واحد. فيكون المعنى: كان الصحابة يرفعون ايديهم حال السلام يمنة ويسرة ولحظهم النبي صلى الله عليه وسلم وبين خطأ هذا الفعل ومثله بحركة ذنب الفرس الشمس وارشدهم إلى وضع اليدين على الفخذين ثم السلام عن الجهتين وهو الصواب. أما معنى جملة "أذناب الخيل الشمس" فهو كالتالي:
أذناب: جمع ذنب وهو التابع بمعنا مؤخرة الدابة المتدلي وهو الذيل
الخيل: من الدواب المركوبة وهو الفرس
الشمس: بضم الشين وضم الميم وتسكين السين ، جمع شموس وهو النفور <5> وقوله "الخيل الشمس" يقال شمس بفتح الشين والميم والسين الفرس يشمس شماساً: إذا منع ظهره <7> وذلك لشغبه ولغبه <5>. فمعنى القول هو ان الأيدي تتحرك مثل ذنب الفرس الشمس (يمنة ويسرة) حيال جريها وهذا المعنى هو ما بينه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رواية عبيد الله عن جابر بن سمرة وهي هيئة اليدين حين السلام. فإن قيل: هذا حديث غير الثاني ، فأقول بإختصار (حيث اني بينته بإسهاب في الفقرة التالية) ان الحديثين بمعنأً واحد واللفظ الأول مشتمل في الثاني فنثبت الإثنين كواحد. فإن قيل: لا نرد الحديثين ولكن نقول في اللفظ الزائد في حديث عبيد الله من حديث تميم انها زيادة غير صحيحه ، قلنا: من قال بتجزئة قول النبي صلى الله عليه وسلم من اصله؟ فهو قول كامل مبين للحال فلا يمكن الجزم بزيادة القول ومعلوم عند الجميع بأن من كذب على النبي في قوله فسوف يتبوء مقعده من النار وهذا حديث متواتر بإجماع اهل السنة والمذاهب والملل الأخرى ، فلا يمكن الكذب في الحديث او الزيادة فيه لانه قول النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا خلاف زيادة الراوي لمعنى او ذكر رواية او لفظ آخر للحديث فهذا مقبول عند طائفة من المحدثين ولكن الحال يختلف هنا وذلك لان الحديث اصله قول النبي صلى الله عليه وسلم والذي رواه صحابي جليل (جابر بن سمرة) ولا يجوز تكذيب صحابي. فترى اخي القاريء بطلان إستدلال الشيخ على بحديث تميم الطائي على عدم الرفع والضم.

الوجه الثاني: للحديث روايتان (*) ، احدها من طريق تميم بن طرفة الطائي والثاني عن عبيد الله بن القبطية. أثر تميم هو إختصار لحديث عبيد الله بن القبطية وهي شارحة للموقف الذي ذكر فيه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما ذكرت سابقاً ، وهذا معروف عند أهل الحديث حيث ان الراوي قد يروي الأثر كاملاً او مختصراً او بالمعنى وكلا الأثرين رويا ايضا من طرق مختصرة أو مقتصرة على اجزاء من الحديث الأصل كما في مرويات مسند الإمام أحمد (راجع السابق). قال الحافظ مقبل الوادعي –رحمه الله في رده على شبهة مماثلة على الزيدية وبعد سرده جملة من طرق الحديث <2>-: " وقال البخاري-رحمه الله- في ((جزء رفع اليدين)) (ص 15): وأما إحتجاج بعض من لا يعلم بحديث وكيع عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن رافعوا أيدينا في الصلاة فقال: ((مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس ، اسكنوا في الصلاة)) ، فإنما كان هذا في التشهد لا في القيام ، كان يسلم بعضهم على بعض فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن رفع الأيدي في التشهد ، ولا يحتج بهذا من له حظ من العلم ، هذا معروف مشهور لا اختلاف فيه ، ولو كان كما ذهب اليه لكان رفع الايدي في أول التكبير وايضاً تكبيرات صلاة العيد منهياً عنه ، لأنه لم يستثن رفعاً دون رفع ، وقد ثبت حديث حدثناه أبو نعيم حدثنا مسعر عن عبيد الله بن القبطية قال: سمعت جابر بن سمرة رضي الله عنه يقول: كنا اذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قلنا: السلام عليكم ، السلام عليكم ، فأشار مسعر بيده فقال: ((ما بال هؤلاء يومؤن بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس ، إنما يكفي احدكم ان يضع يده على فخذه ثم يسلم على اخيه من عن يمينه ومن عن شماله)). قال البخاري: فليحذر امرؤ ان يتقول على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما لم يقل ، قال الله عز وجل: ((فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم)) (النور 63) قال أبو عبد الرحمن (الحافظ الوادعي) –عفا الله عنه-: وبعد جمع طرق الحديث وجدته يدور على جابر بن سمرة رضي الله عنه يرويه عنه عبيد الله بن القبطية وتميم بن طرفة ، فأما عبيد الله بن القبطية فقد ساق الحديث على وجهه بتمامه ، وأما تميم بن طرفة فقد اختصر الحديث ، وهكذا يفعل اكثر المحدثين ، فتارة ينشط المحدث ويذكر الحديث كله وتارة يروي الحديث بلفظه وتارة يرويه بمعناه ، فالحديث حديث واحد ، فهو عن الإشارة بأيديهم عند التسليم في الصلاة ، وهذا هو الذي فهمه العلماء". قلت (أبو صالح): وهناك أدلة كثيرة في هذه القاعدة كحديث عمر بن الخطاب المعروف "إنما الأعمال بالنيات" ، فهو أثر ثابت ولم يروى الا من طريق واحد وهو يحيى بن سعيد النصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر ولكننا نجد ان الرواة بعد هؤلاء قد رووه في الفاظ مختلفة وناقصة عن الحديث الأم واذكر ان رواية البخاري التي صدر بها صحيحه هي: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمريء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه". ونلاحظ فهم سلفنا الصالح رحمهم الله اجمعين من الحديث وذلك في تبويباتهم للأثر المذكور (حديث الخيل الشمس!) ، فراجع ذلك كما سبق وستجد ان الحديث موجود في "باب السلام" وهذا دليل على ان الحديث واحد. وما إستدل الشيخ علي –عفا الله عنه- في رسالته هو احد روايات الحديث وبهذا سقط إستدلاله به والحمد لله.

* مسألة: فإن قيل: بل للحديث رواية أخرى من طريق أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كأني بقوم يأتون بعدي يرفعون أيديهم في الصلاة كأنها أذناب خيل شمس" <8> من مسند الإباضي الربيع بن حبيب ، فهذا حديث عام يدل على عدم الرفع والضم في الصلاة.

قلت: الحديث لا يثبت وذلك من أوجه عدة منها:

الوجه الأول: الدليل القوي على عدم ثبوت أثر ابن عباس هو ان مسند الربيع مسند موضوع! ورواته: الربيع بن حبيب وأبو عبيدة مجاهيل! لم يذكروا في اي من دواوين الحديث او كتب التراجم والرجال ، وللبحث في هذا الموضوع يرجع الى مناظرة فضيلة الشيخ سعد الحميد مع الشيخ الإباضي السابعي وهو محدث مشهور عندهم

الوجه الثاني: إتفق الحفاظ على ان الحديث لم يروى إلا من طريق جابر بن سمرة رضي الله عنه كما سبق وهو الصواب وهذا هو ما إستدل به الشيخ علي في رسالته وإلا فلما لم يذكر دليل الإباضية المعروف في الحديث وهو المسند!؟ وعلى "فرضية" ثبوته ، فإننا نضمه الى الروايات السابقة ونجمع بين الأدلة كما في الوجه الثالث.

الوجه الثالث: ذكرت سابقاً ان الحديث مبوب في "باب السلام" ولكنك تتعجب من صنيع مرتب المسند: أبو يعقوب يوسف الوارجلاني إذ انه اودع الحديث السابق في: "باب في الإمامة والخلافة في الصلاة" أين الرفع والضم من الإمامة والخلافة!!!؟ وهذا فهم عجيب كما ترى!!؟ والأعجب منه هو ان"المسند" هو ذكر الأحاديث على أسماء الصحابة من الخلفاء فصاعداً او بالأحرف الابجدية و"الجامع" هو ذكر الأحاديث على الأبواب الفقهية من الطهارة الى المعاملات ولكنك ترى مسمى هذا الكتاب ب:"الجامع الصحيح مسند الربيع بن حبيب" وهذا يستحيل.

الوجه الرابع: وعلى "فرض" صحة سند الربيع بن حبيب إلى ابن عباس رضي الله عنه ، قلنا ان هذا لفظ لم يروى إلا من هذا الوجه وهو معرفة النبي بمجيء أقوام من بعده ممن يرفعون ايديهم في الصلاة وهذا مخالف للفظ المعروف وهو إنكار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الذين كانوا يرفعون ايديهم حيال السلام وهو قاضٍ في مسألة الحال كما قال: ((مالي اراكم رافعي ...)) الحديث ، فهذه الحالة تسمى عند المحدثين بالحديث المعلّ وهو مخالفة متن الحديث المشهور بمتن آخر وإن صح السند <9> وإن قيل: إذاً نحكم على حديث عبيد الله بن القبطية بالعلّة لمخالفته الحديث "المشهور" في رواية تميم ، فأقول: هذا قياس مع الفرق وهو باطل وذلك لأن كلا الروايتين من صحابي واحد وقد ثبتت الروايتان بالصحة من طرق نقلته العدة ، فلا يمكن لصحابي ان يذكر حديثاً ويذكر حديثاً آخر منافياً له وهو صحابي مشهور: جابر بن سمرة –رضي الله عنه- ولذلك نجمع بين الأدلة كما ذكرت ، والشاهد هو ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الحادثة او الموقف (اي السبب واحد) وهو رفع الأيدي حال السلام في الصلاة وهو الصواب. وبذلك ثبت بطلان حديث الربيع بن حبيب ، وفي مسنده من الطوام الكثير فاليراجع قول الشيخ سعد الحميد-حفظه الله- في المناظرة المذكورة فقد وفا-حفظه الله- من هذا الوجه.

الوجه الثالث: المعلوم من قواعد الفقه الجمع بين الأدلة إن تباينت في المعنى وإلا فالحديث واحد كما سبق. ولكني سأذكر التطبيق في هذا الدليل. فإن قيل: ما الدافع على هذا القول. قلت: إن الدافع من فعل ذلك هو الجمع بين الأدلة لأن حديث تميم روي بلفظ هو جزء من لفظ حديث عبيد الله وهي شارحة له والشاهد هو كثرة الأسانيد المتصلة والناقلة للأثر كاملاً او مجزءاً كما ذكرت اعلاه. ففي أصول الفقه: إن كان هناك "اختلاف" ظاهر في دليلين فإننا نحاول الجمع بين الأدلة وإن تعسر فإننا نحكم بالنسخ بإستعانة التاريخ ولكن الحديثين هنا ليس بهما تضاد وهو من الوضوح بشمس ان الأول هو حديث مختصر للثاني. فإن قيل (ممن لا يعلم الفقه!): الرفع منسوخ أو نحكم على رواية عبيد الله بالنسخ قلنا هذا باطل والشاهد ان حكم النسخ لا يطبق إلا إذا تعذر الجمع بين الأدلة وهنا لا تعارض بين الحديثين ، وإلا فلما لا ننسخ حديث تميم إذاً؟ والصواب هو ان كلا الأثرين صحيح واصوب الصواب الجمع بينهما كما سبق البيان به فإن قيل: الأصل هو عدم الرفع ، قلنا سيلزم امران ، إما انه يكذب احاديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصحيحة وإما ان الرفع والضم شرع لاحقاً وهذا لا يستقيم لأن أحاديث الرفع والضم متواترة كما سأبين لاحقاً. وبهذا سقط إستدلال الشيخ علي بهذا الحديث لرد سنة متواترة كما سيأتي بيانها لاحقاً- إن شاء الله تعالى-.

هذا ما عندي في هذه المسألة واترك الحكم للقاريء بعين التدبر والحكمة رزقنا الله تعالى إياها. ويتبع الرد ويكون حول الإستدلال الثاني. فالحمد لله في الأولى والآخرة.


وكتبه
أبو صالح العوبثاني اليماني العماني
غفر الله ذنوبه وستر عيوبه
22 جمادى الأولى 1424ه


==

ثبت المراجع

<1> صحيح مسلم بشرح النووي ، دار الريان للتراث ، القاهرة ، مصر ، ط1987م
<2> رياض الجنة في الرد على أعداء السنة ، الحافظ مقبل بن هادي الوادعي ، دار الحرمين للنشر ، القاهرة ، مصر، ط1996م
<3> كتاب السنة لإبن ابي عاصم مع ظلال الجنة في تخريج السنة للحافظ الألباني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ط1993م
<4> سنن أبي داود ، للحافظ أبي داود السجستاني ، دار أبن حزم ، بيروت ، لبنان ، ط1998
<5> سنن النسائي بشرح السيوطي والسندي ، دار الحديث ، القاهرة ، مصر ، ط1999
<6> مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني مع منتخب كنز العمال ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، ط1978
<7> شرح السنة للبغوي ، الإمام محمد بن الحسين البغوي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط1992
<8> الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب ، دار الحكمة ، بيروت ، لبنان ، توزيع مكتبة الإستقامة ، ط1995
<9> التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من مقدمة بن الصلاح ، الحافظ العراقي ، مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت ، لبنان ، ط 1995


 

التعليقات

 
 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لشبكة ( من هم الإباضية )