Follow @twitterapi
الردُّ السابع عشر للشيخ سعد الحميّد على ردود الظافر

الموضوع : الردُّ السابع عشر للشيخ سعد الحميّد على ردود الظافر

القسم : مناظرة الشيخ سعد الحميد والإباضي الظافر |   الزوار  : 4398

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وبعـد :

فالأقسام - أو الأصناف - التسعة التي قدمت ذكر أمثلة منها هي التي وجدت أحاديث "مسند الربيع" لا تخرج عنها .

هذا بالإضافة لآثار عن بعض الصحابة والتابعين وتعليقات عقب الأحاديث تبين حقيقة هذا "المسند" وما ألحق به .

فمن ذلك قول الربيع (835):« بلغني عن أبي مسعود ، عن عثمان بن عبدالرحمن المدني، عن أبي إسحاق والشعبي قال : كان علي بن أبي طالب يقول في تمجيد الله عز وجل : الحي القائم ، الواحد الدائم ، فكَّاك المقادم ، ورزاق البهائم ، القائم بغير منصبة ، الدائم بغير غاية ، الخالق بغير كلفة ، فأعرف العباد به الذي بالحدود لا يصفه ، ولا بما يوجد في الخلق يتوهمه ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)).

فمن الذي بلّغ الربيع هذا عن أبي مسعود ؟ ومن أبو مسعود ؟ وأما عثمان بن عبدالرحمن المدني فمتروك ، ورماه ابن معين بالكذب كما في "تهذيب الكمال" (19/426).

وقوله (836):« وأخبرنا أبان ؛ قال : حدثنا يحيى بن إسماعيل ، عن الحارث الهمداني قال : بلغ عليًّا أن قومًا من أهل عسكره شبهوا الله وأفرطوا، قال: فخطب علي الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس ! اتقوا هذه العارقة ، فقالوا : يا أمير المؤمنين! وما العارقة ؟ قال : الذين يشبهون الله بأنفسهم ، فقالوا : وكيف يشبهون الله بأنفسهم ؟ قال: يضاهئون بذلك قول الذين كفروا من أهل الكتاب ؛ إذ قالوا خلق الله آدم على صورته سبحانه وتعالى عما يقولون ، سبحانه وتعالى عما يشركون ، بل هو الله الواحد الذي ليس كمثله شيء ، استخلص الوحدانية والجبروت ، وأمضى المشيئة والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن ، لا منازع له في شيء ، ولا كفؤ له يعادله ، ولا ضد له ينازعه، ولا سمي له يشبهه ، ولا مثل له يشاكله ، ولا تبدو له الأمور ، ولا تجري عليه الأحوال ، ولا تنزل به الأحداث ، وهو يجري الأحوال ، وينزل الأحداث على المخلوقين، لا يبلغ الواصفون كنه حقيقته ، ولا يخطر على القلوب مبلغ جبروته ؛ لأنه ليس له في الخلق شبيه ، ولا له في الأشياء نظير ، لا تدركه العلماء بألبابها ، ولا أهل التفكير بتدبيرها وتفكيرها ، إلا بالتحقيق إيمانًا بالغيب ؛ لأنه لا يوصف بشيء من صفات المخلوقين ، وهو الواحد الذي لا كفؤ له { وأن ما تدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير })).

وسبق أن قدمت في المقال رقم ( 8 ) أن الحارث الهمداني هذا شيعي غال في التشيع ، وذكرت بعض من كذبه من أهل العلم .

وأبان بن أبي عياش هذا متروك كما في "التقريب" (143).

ويحيى بن إسماعيل كذا في هذا الإسناد ، وفي الذي بعده رقم (837): إسماعيل بن يحيى، وهذا ليس بمستغرب على مثل هذا "المسند"، فإن فيه أسانيد تركيبها عجيب ورجالها لا تدري من هم ، وقد اعترف الشماخي الإباضي بجهالتهم ، فقال في "سيره" (1/111): « وسأذكر أشياخًا يروي عنهم الربيع ويروون عن جابر ، لكنهم مجاهيل ، ما رأيت من عرّف بهم ....» ثم ذكرهم .

وشبيه به قول الربيع (839):« أخبرنا أبو قبيصة ، عن عمير ، وعن محمد بن يعلى ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : أن نجدة الحروي أتاه فقال : يا ابن عباس ! كيف معرفتك بربك ، فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا ؟ فقال ابن عباس : أعرفه بما عرف به نفسه من غير رؤية ، وأصفه بما وصف به نفسه من غير تثبيت صورة ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، معروف بغير تشبيه ، متدان في بعده لا ينظر ، ولا يتوهم ديموميته ، ولا يمثل بخلقه ، ولا يجور في قضيته ، فالخلق إلى ما علم منقادون ، وعلى ما سطر في المكنون من كتابه ماضون ، لا يعملون بخلاف ما منهم علم ، ولا إلى غيره يردون، وهو قريب غير ملتزق ، بعيد غير منفصل ، يحقق ولا يمثل ، يوحد ولا يبعض ، يعرف بالآيات ، ويثبت بالعلامات . قال : فقام نجدة مفحمًا مخصومًا متعجبًا بما جاء به ابن عباس رضي الله عنه)).

وجويبر بن سعيد ضعيف جدًّا ، والضحاك لم يلق ابن عباس ، وأما أبو قبيصة وعمير ومحمد بن يعلى فلم أعرفهم .

وبعده الحديث رقم (840) الذي يقول فيه الربيع :« وأخبرنا محمد بن علي الكوفي ، عن أبي بكر الهذلي ، عن سعيد بن جبير ، قال : لما رأى ابن الأزرق أنه لا يسأل ابن عباس عن شيء إلا أجاب فيه ، قال : ما أجرأك يا ابن عباس ! قال : وما ذاك يا ابن الأزرق ؟ قال : أراك لا تسأل عن شيء إلا أجبت فيه ، قال : ويلك هو علم عندي ، أخبرني عمن كتم علمًا عنده ، ورجل تكلم بما لا يعلم؟ قال : أفكل ما تقول به تعلمه ؟ قال : نعم ، إنا أهل بيت أوتينا الحكمة ، قال نافع : أسألك عن الذي تعبده ، كيف هو ؟ فسكت عنه ابن عباس استعظامًا لما قال ، ثم قال له : أخبرك أن الله هو الواحد بغير تشبيه، والواجد بغير تفكير ، والخالق بغير تكييف ، العالم بغير مثال ، الموصوف بغير تشبيه ، الدائم بغير غاية المعروف بغير تحديد ، البائن بغير نظير ، عزيز قدير ، لم يزل ولا يزال ، وجلت القلوب لمهابته ، وذلت الأرباب لعزته ، وخضعت الرقاب لقدرته ، لا يخطر على القلوب مبلغ كنه عظمته ، ولا تنعقد القلوب على ضمير يبلغه ، لا تبلغه العلماء بألبابها ، ولا المتفكرون بتدبير تفكيرها ، فأعلم الخلائق به الذي لا يصفه بصورة ، ولا بمثل فيقع الوهم للخلائق عليه ، قال نافع : صدقت يا ابن عباس)).

وأبو بكر الهذلي أخباري متروك الحديث كما في "التقريب" (8059)، وهو الذي سئل عنه شعبة ، فقال للسائل :« دعني لا أقيء »، وكذّبه غندر كما في "تهذيب الكمال" (33/160).

وأما محمد بن علي الكوفي فينظر من هو .

وقال الربيع (853) :« بلغني عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : أنه خرج ذات يوم فإذا هو برجل يدعو ربه شاخصًا بصره إلى السماء ، رافعًا يده فوق رأسه ، فقال له ابن عباس : ادع ربك بأصبعك اليمنى ، واسأل بكفك اليسرى ، واغضض بصرك ، وكفّ يدك ، فإنك لن تراه ولن تناله ، فقال الرجل : ولا في الآخرة ؟ قال : ولا في الآخرة، فقال الرجل : فما وجه قول الله تعالى :{ وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة }؟ قال ابن عباس : ألست تقرأ قوله تعالى :{ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} ؟ ثم قال ابن عباس : إن أولياء الله تنضر وجوههم يوم القيامة وهو الإشراق ، ثم ينظرون إلى ربهم متى يأذن لهم في دخول الجنة بعد الفراغ من الحساب، ثم قال : { وجوه يومئذ باسرة * - يعني كالحة - تظن أن يفعل بها فاقرة }، قال : يتوقعون العذاب بعد العذاب ، وكذلك قوله :{ إلى ربها ناظرة }، ينتظر أهل الجنة الثواب بعد الثواب ، والكرامة بعد الكرامة)).

فمن الذي بلّغ الربيع بهذا عن جويبر ؟

وجويبر تقدم أنه ضعيف جدًّا .

والضحاك لم يلق ابن عباس .

والحديث ظاهر الوضع في نصرة قول من ينفي رؤية الله في الدار الآخرة ، ولو كان هذا معروفًا لاستدل به المعتزلة وغيرهم من نفاة الرؤية على أهل السنة أيام الصراع العقدي المعروف .

وقال الربيع (844):« وأخبرنا بشر المريسي،عن محمد بن يعلى؛ قال: أخبرنا الحسن بن دينار ، عن خصيب بن جحدر ، عن إسحاق بن عبدالله : أن الحارث بن نوفل قال : قلت لابن عباس : سمعت أبا هريرة يقول : خلق الله آدم على صورته ، وهو ستون ذراعًا ؟ قال ابن عباس : صدق أبو هريرة ، خلق الله آدم على صورته التي في علمه أنه يخلقه عليها لم يحوله منها إلى غيرها ». ثم ذكر كلامًا لبشر المريسي في معنى الحديث .

وحسبك من بشر المريسي اسمه !

والحسن بن دينار كذّبه الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي وأبو خيثمة ، بل قال الفلاس:« أجمع أهل العلم بالحديث أنه لا يروى عن الحسن بن دينار ». انظر ترجمته في "لسان الميزان" (3/24-26).

وشيخه الخصيب بن جحدر مثله أو أسوأ منه ، فقد كذبه شعبة ويحيى القطان وابن معين والبخاري وابن الجارود .

وإسحاق بن عبدالله إن كان ابن أبي فروة ، فهو مثل سابقيه ، وإن لم يكن هو فينظر.

فلك أخي القارئ أن تتصور هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث التي جاءت في القسم الثالث من الكتاب ، وهي التي احتجّ بها الربيع على مخالفيه في مسائل الاعتقاد وغيرها ، وهي عند الإباضية أحاديث صحاح ، فقل لي بالله عليك ! بأي مكيال نكتال ؟ وبأي ميزان نزن ؟ وإلى أي شيء نحتكم إذاكانوا يحتجون بهؤلاء ، وأهل الحديث يرمونهم بالكذب ؟

إن من يطالع القسم الثالث من الكتاب يجد عجبًا ، وأي عجب !!

فقد ظهر فيه الكذب بما لا يدع مجالاً للشك ، فمعظم أبواب هذا القسم في مسائل الاعتقاد التي يخالف فيها الإباضية أهل السنة مثل :

باب الحجة على من قال : إن أهل الكبائر ليسوا بكافرين .

وباب ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى :{ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ...، وبعده أبواب في الرؤية .

وباب في القبضة .

وباب في اليـد .

وباب قوله تعالى :{ لأخذنا منه باليمين }.

وباب في اليد أيضًا .

وباب في قوله تعالى :{ الله نور السموات والأرض }.

وباب في قوله تعالى :{ رب أرني أنظر إليك }.

وباب في قوله تعالى :{ الرحمن على العرش استوى }.

وباب ما قيل في الوجه .

وباب ما قيل في العين .

وهكذا في أبواب عدة يجمعها جامع نصرة معتقدهم ، وبالأخص في نفي الصفات والرؤية ، وما يتعلق بمسائل الإيمان وغيرها من القضايا ، ويوردون تحتها أحاديث وآثارًا عن الصحابة لا والله ما قالوها ، ولا نطقوا بها ، ويروون فيها عن الكذابين أمثال من تقدم ، وأمثال الكلبي المعروفة سلسلته عند أهل العلم بسلسلة الكذب ، وروايته في "المسند" برقم (846)، ولولا الطول لأوردت تلك الأحاديث والآثار الموضوعة ، فمجرد ذكرها كافٍ في معرفة حقيقة هذا "المسند".

ولا يفهم من هذا براءة القسمين الأولين من الكتاب ، فقد تقدم من الأمثلة ما يكفي في نقدهما ، ولكن القسم الثالث ظهر فيه الوضع للمتون أكثر .

وللحديث بقية .

 

التعليقات

 
 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لشبكة ( من هم الإباضية )