Follow @twitterapi
وصف الخوارج بالقراء مطابق للحديث: ( يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم )

الموضوع : وصف الخوارج بالقراء مطابق للحديث: ( يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم )

القسم : علاقة الإباضية بالخوارج |   الزوار  : 10712

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه .
أما بعد :
فقد زعم بعض مشايخ الإباضية المعاصرين أن الخوارج أهل النهروان كانوا من أهل العلم والفقه !! مخالفين بذلك إجماع الأمة والأخبار الصحيحة الدالة على جهلهم وغباوتهم وفدامتهم ، مستدلين بشبهة ساقطة ركيكة لم يجدوا أقوى منها عندهم ، فذكروها على استحياء في بعض كتاباتهم المعاصرة التي حشيت تدليسا وتلبيسا على أهل مذهبهم وغيرهم .

وكانت هذه الشبة الساقطة تفسيرهم ما ورد في بعض الكتب الحديثية والتاريخية من وصف الخوارج بأنهم كانوا من ( القراء ) بأن ذلك على معنى العلم والفقه !! متجاهلين الدلالة البينة على أن ذلك الوصف هو من أبعد ما يكون بذلك المعنى ، وأن مراد قائليه من الرواة والعلماء من بعدهم إنما هو بمعنى التعبد والتنسك والغلو في ذلك .

وحرصا على كشف هذه الشبهة وبيان الحجة في إبطالها أسوق هذا الرد الذي سبق كتابته في موقع من هم الإباضية على أحد الإباضية ، والذي أورد روايات فيها تلقيب الخوارج بالقراء ، وسأل عن صحتها وما تفيده بدلالتها .


فكان هذا الجواب بتوفيق الله تعالى :



الجواب على شبهة القراء :


أولا : الجواب الإجمالي :


هل ثبتت تسمية أهل النهروان بالقراء ؟


الجواب :

لا

إذا كان المراد بالقراء (( العلماء الفقهاء ))

ونعم

إن كان المراد بالقراء (( العباد النساك المتنطعون في التعبد كما يقول ابن حجر العسقلاني والشوكاني ))




ثانيا : الجواب التفصيلي :



ما المراد بمصطلح القراء :


قال أهل العلم : " الحكم على الشيء فرع عن تصوره " ، وحين نتكلم عن مصطلح ما في عصر ما له تطوراته ونشاته ودلالاته نحتاج قبل الإثبات فيه والنفي إلى تصور المعنى المراد منه أولا .


وذلك كما لو سألنا الإباضية مثلا :

هل ثبتت تسمية أهل النهروان بالخوراج ؟

فسوف نجدهم على قسمين :

قسم يثبت ذلك على معنى غير الخروج عن الدين والإسلام . كما قال السالمي مثلا بأنه الخروج للجهاد في سبيل الله تعالى .

وقسم من الإباضية ينفي هذه التسمية ويرفضها لدلالتها على المروق من الدين .

ولذا لا نجدهم يقتصرون في الجواب على هذا السؤال على مجرد الإجابة بـ (نعم ) و ( لا )

بل لا بد أن يفسروا المراد بمصطلح (الخوارج ) ثم يجيبوا بعد حسب هذا التفسير وهذا التصور .

كما فعل ذلك من الإباضية المعاصرين ناصر السابعي في كتابه ( الخوارج والحقيقة الغائبة )
حيث عقد فصلا تحدث فيه عن هذا المصطلح ودلالاته ليخلص في النهاية إلى حكم ما مبني على التصور الذي كونه من خلال بحثه ودراسته.


وكما كان للإباضية الحق في بحث مدلول كلمة ( الخوارج ) قبل الحكم بالنسبة أو عدمها .

فلغيرهم الحق أيضا في أن يبحثوا مدلول كلمة ( القراء ) .
ولا ينكر هذا من يعرف (العدل ) حقا ، والبحث صدقا .



وعند البحث في مدلول كلمة القراء عند اللغويين وفي استعمال العلماء وجدنا أنها تأتي على عدة معانٍ .

فهي تأتي بمعنى :

1- العلماء الفقهاء .

2- العباد الزهاد النساك .

3- أصحاب القراءات والإقراء ، وذلك بعد تمايز العلوم وأهليها وظهور الاعتناء والاستغراق في علم دون غيره من قراءات وحديث ولغة وشعر ونحو وأصول وتاريخ ... الخ


وقد قارنت ما وجدته بما أورده الإباضية
فوجدت البتر والتحريف الذي تميز به أهل البدع والأهواء ،
وهو شيء عاينته مرارا وتكرارا في إحالات الإباضية ، وسترى أنموذجا عليه فيما يأتي .

وقد تبين لي أن معنى القراء في العصور الأولى كان يدخل فيه طائفتان من الناس :


1- العلماء الفقهاء .

2- العباد النساك .


وسأورد النصوص الدالة على ذلك كاشفا البتر الذي وقع فيه الإباضية .

فمن كلام أهل اللغة الدال على شمول لفظة القراء للصنفين المذكورين ، ما جاء في لسان العرب لابن منظور في مادة (قرأ )
فمن ذلك :

في (1/130 ) :

" والقاريء والمتقرئ والقراء كله : الناسك مثل حسان وجمال"

ففسر القراء بالنساك
وهذا نص صريح واضح من كلام أهل اللغة في أن القراء لا يعنى بهم دائما وأبدا العلماء والفقهاء ،
وإنما يرد بمعنى آخر غير ذلك ، وهو العباد النساك .


وجاء أيضا في لسان العرب ( 1/130) عن الفراء قوله :

" يقال : رجل قُراء وامرأة قُراءة ، وتقرأ : تفقه ، وتقرأ : تنسك .
ويقال : قرأت أي صرت قارئا ناسكا . وتقرأت تقرؤا ، في هذا المعنى . وقال بعضهم : قرأت : تفقهت
" .

فذكر المعنيين السالفين للقراء ،
وهما : الفقه ، والنسك . وبايين بينهما وفرق .


فإن اعترض معترض بما جاء في لسان العرب (1/130 ) من أن :
" القراء : يكون من القراءة جمع قارئ ، و [لا] يكون من التنسك "

فيقال له : أن كلمة (لا ) هنا مقحمة فيما يبدو وقد أشار إلى ذلك المعلق على اللسان فقال :
( قوله " و[لا] يكون من التنسك "
عبارة المحكم في غير نسخة " ويكون من التنسك " بدون لا)


فيكون المعنى متوافقا مع ما ذكره ابن منظور في اللسان ، ومع ما أورده عن الفراء .


هذا ما يتعلق بكلمة القراء عند أهل اللغة .


وأما في استعمال السلف :


فأود أن أشير إلى أن السابعي قد نقل في " الخوارج والحقيقة الغائبة " صـ 52- 53 كلاما لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن بتر منه ما ينقض عليه مراده ،

ليجعله بعد البتر شاهدا على دعواه ، حيث قال الإباضي :

"ويقول ابن تيمية: "كان السلف يسمون أهل الدين والعلم القراء "

انتهي نقل السابعي هكذا .

بينما كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بتتمته كما في (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) وهو ضمن (مجموع الفتاوى : 11/195 ) هكذا :

" وكان السلف يسمون أهل الدين والعلم (القراء) فيدخل فيهم العلماء والنساك" . ا.هــ


ففرق ابن تيمية بين الصنفين (العلماء والنساك )

ثم ذكر بعد ذلك حدوث اسم يخص النساك فيما بعد وهو اسم (الصوفية والفقراء ) كما هو في الموضع المشار إليه.


ولا حاجة إلى التنبيه إلى سبب بتر السابعي لكلام شيخ الإسلام
و الذي يفسد عليه دعواه أن الخوارج قراء بمعنى علماء !! لا بمعنى نساك ،

خلافا لمراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وتحريفا لكلامه .


وبمثل كلام ابن تيمية يفسر كلام ابن خلدون ،
إذ كان أهل العلم والدين يسمون في العصور الأولى بالقراء

ثم تميز أهل العلم باسم الفقهاء والعلماء ،

وأهل العبادة والنسك باسم العباد و الصوفية والفقراء .


وقد نقل السابعي في ( الخوارج ...)
والحجري في ( الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات )
وزكريا المحرمي في ( موقف الإباضية من علي وأهل النهراون )
نصا لابن خلدون من مقدمته يستدلون به على أن المراد بتسمية الخوارج بالقراء هو : العلماء والفقهاء .

رغم أن كلام ابن خلدون ينقض عليهم ذلك عند تعرضه لتجهيل الخوارج أنفسهم .

وسوف أورد ما احتجوا به من كلام ابن خلدون ثم أتمم كلامه الناقض لمرادهم.

قال السابعي في " الخوارج والحقيقة الغائبة " صـ 52- 53:

(وأيضاً فإن كثيراً منهم كانوا من القراء، وهو -كما يقول ابن خلدون- رديف للفظ الفقهاء والعلماء)

وقال الحجري (المتسمي بالمنصور ) في كتابه " الإباضية ومنهجية البحث عن المؤرخين وأصحاب المقالات" في الحاشية تعليقا على كلمة القراء :

" قال ابن خلدون في شرحه لمعنى لكلمة القراء:

".. ثم إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم. وإنما كان ذلك مختصاً بالحاملين للقرآن العارفين بناسخه ومنسوخه ومتشابهه ومحكمه وسائر دلالته بما تلقوه من النبي أو ممن سمعه منهم ومن عليتهم. وكانوا يسموّن لذلك القراء أي الذين يقرأون الكتاب لأن العرب كانوا أمة أمية. فاختص من كان منهم قارئاً للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ. وبقي الأمر كذلك صدر الملة.. وكمل الفقه وأصبح صناعة وعلماً فبُدِّلوا باسم الفقهاء والعلماء من القراء.."( انظر المقدمة، ص563-564).

وقال في موضع آخر: " والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين ولا دُفعوا إليه ولا دعتهم إليه حاجة. وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة والتابعين وكانوا يسمون المختصين بحمل ذلك ونقله إلى القراء أي الذين يقرأون الكتاب وليسوا أميين لأن الأمية يومئذ صفة عامة في الصحابة بما كانوا عرباً فقيل لحملة القرآن يؤمئذ قرّاءٌ إشارة إلى هذا. فهم قرّاءٌ لكتاب الله والسنة المأثورة عن [رسول] الله لأنهم لم يعرفوا الأحكام الشرعية إلا منه ومن الحديث الذي هو في غالب موارده تفسير له وشرح " ( انظر المقدمة، ص 747 ). " ا.هــ كلام الحجري.


وقد نقله عنه أيضا زكريا المحرمي في ( موقف الإباضية من علي وأهل النهراون)


وهذا القول من ابن خلدون كان ضمن الكلام على الفقه وتعريفه وتطوره ومذاهبه .

وسوف أورد أوله ليتضح أنه إنما كان يتكلم عن جزء من مدلول كلمة القراء وهم الفقهاء العلماء ،
وليس عن تفسيرها العام الشامل للعلم والتعبد .

ثم أن ابن خلدون في نهاية النص الذي لم يورده الإباضية قد أخرج الخوارج كلهم والرافضة من عداد العلماء والفقهاء ، أي القراء !!


حيث قال بعد ذكر المذاهب المعتبرة في الفقه ذاكرا من خرج عن أهل العلم والفقه من أهل الشذوذ والجهل :

" وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به، وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم،
وهي كلها أصول واهية.

وشذ بمثل ذلك الخوارج.

ولم يحفل الجمهور بمذاهبهم بل أوسعوها جانب الإنكار والقدح.

فلا نعرف شيئاً من مذاهبهم ولا نروي كتبهم، ولا أثر لشي، منها إلا في مواطنهم.

فكتب الشيعة في بلادهم وحيث كانت دولهم قائمة في المغرب والمشرق واليمن،

والخوارج كذلك. ولكل منهم كتب وتآليف وآراء في الفقه غريبة."



والان مع النص الكامل لكلام ابن خلدون .


قال ابن خلدون في مقدمته صـ255-256 :

" الفصل السابع

علم الفقه وما يتبعه من الفرائض


الفقه هو معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين، بالوجوب والحظر والندب والكراهة والإباحة ،

وهي متلقاة من الكتاب والسنة وما نصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة،

فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها فقه.

وكان السلف يستخرجونها من تلك الادلة على اختلاف فيها بينهم. ولا بد من وقوعه ضرورة. فإن الأدلة من النصوص وهي بلغة العرب، وفي اقتضآت ألفاظها بكثير من معانيها خصوصاً الأحكام الشرعية اختلاف بينهم معروف.

وايضا فالسنة مختلفة الطرق في الثبوت وتتعارض في الأكثر أحكامها، فتحتاج إلى الترجيح وهو مختلف أيضا. فالأدلة من غير النصوص مختلف فيها، وايضاً فالوقائع المتجددة لا توفي بها النصوص. وما كان منها غير ظاهر في النصوص فيحمل على منصوص لمشابهة بينهما، وهذه كلها مثارات للخلاف ضرورية الوقوع. ومن هنا وقع الخلاف بين السلف والأئمة من بعدهم.

ثم إن الصحابة لم يكونوا كلهم أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم،

وإنما كان ذلك مختصاً بالحاملين للقرآن العارفين بناسخه ومنسوخه ومتشابهه ومحكمه وسائر دلالاته بما تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم أو ممن سمعه منهم من عليتهم، وكانوا يسمون لذلك القراء، أي الذين يقرأون الكتاب

لأن العرب كانوا أمة أمية، فاختص من كان منهم قارئاً للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ.

وبقي الأمر كذلك صدر الملة.

ثم عظمت أمصار الإسلام وذهبت الأمية من العرب بممارسة الكتاب، وتمكن الاستنباط وكمل الفقه وأصبح صناعةً وعلماً

فبدلوا باسم الفقهاء والعلماء من القراء.

وانقسم الفقه فيهم إلى طريقتين:

طريقة أهل الرأي والقياس، وهم أهل العراق،

وطريقة أهل الحديث، وهم أهل الحجاز.

وكان الحديث قليلاً في أهل العراق كما قدمناه، فاستكثروا من القياس ومهروا فيه، فلذلك قيل أهل الرأي. ومقدم جماعتهم الذي استقر المذهب فيه وفي أصحابه أبو حنيفة،

وإمام أهل الحجاز مالك بن أنس والشافعي من بعده.

ثم أنكر القياس طائفة من العلماء وأبطلوا العمل به. وهم الظاهرية.

وجعلوا مدارك الشرع كلها منحصرة في النصوص والإجماع وردوا القياس الجلي والعلة المنصوصة إلى النص، لأن النص على العلة نص على الحكم في جميع محالها.
وكان إمام هذا المذهب داود بن علي وابنه وأصحابهما.

وكانت هذه المذاهب الثلاثة هي مذاهب الجمهور المشتهرة بين الأمة.

وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به، وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم، وهي كلها أصول واهية.

وشذ بمثل ذلك الخوارج.

ولم يحفل الجمهور بمذاهبهم بل أوسعوها جانب الإنكار والقدح.

فلا نعرف شيئاً من مذاهبهم ولا نروي كتبهم، ولا أثر لشي، منها إلا في مواطنهم.

فكتب الشيعة في بلادهم وحيث كانت دولهم قائمة في المغرب والمشرق واليمن،

والخوارج كذلك.

ولكل منهم كتب وتآليف وآراء في الفقه غريبة."



فها هو كلام ابن خلدون بتمامه يحكم على الخوارج بما رأيتم من عدم اعتبارهم في أهل الفقه والعلم لشذوذهم وانبناء مذهبهم على أصول واهية كالرافضة وعدم اعتبار الأمة لهم في شيء من الفقه والعلم .

فهل يكون القراء عند إطلاقه على الخوارج بمعنى العلماء والفقهاء عند ابن خلدون ؟!!
أم بمعنى الشذاذ الغلاة من أهل التنطع في الدين ؟!



وبعد ما سبق من بيان أن مصطلح القراء يدخل فيه طائفتان :

العلماء ، والنساك ،

فنحتاج إلى أن ننظر إلى أهل النهروان هل دخلوا في مصطلح القراء لكونهم علماء
أم لكونهم نساك عباد بالغوا وتنطعوا في التزهد والتعبد ؟



فحين ننظر إلى الروايات التي يسوقها الإباضية في إثبات تسمية الخوارج بالقراء
نجدها لا تنص على كونهم قراء بمعنى علماء أبدا .

وإنما تصرح بأن المقصود أنهم عباد غلاة في التعبد لا غير .

وانظر ذلك في النصوص التي أوردها الإباضي نقلا عمن أبهمه من الإباضية تجد مصداق ذلك .


ولنأخذها نصا نصا :
1 - فتح الباري ج: 8 ص: 588

( وقد أخرج النسائي هذا الحديث عن أحمد بن سليمان عن يعلى بن عبيد بالإسناد الذي أخرجه البخاري فذكر الزيادة نحو ما أخرجها أحمد وزاد بعد قوله كنا بصفين قال فلما استحر القتل بأهل الشام قال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل المصحف إلى علي فادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك فأتى به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله فقال علي أنا أولى بذلك بيننا كتاب الله فجاءته الخوارج ونحن يومئذ نسميهم القراء وسيوفهم على عواتقهم فقالوا يا أمير المؤمنين ما ننتظر بهؤلاء القوم ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم فقال سهل بن حنيف قوله فقال علي نعم زاد أحمد والنسائي أنا أولى بذلك أي بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله لأنني واثق بأن الحق بيدي قوله وقال سهل بن حنيف اتهموا أنفسكم أي في هذا الرأي لأن كثيرا منهم أنكروا التحكيم وقالوا لا حكم إلا الله فقال علي كلمة حق أريد )


هكذا انتهى النص عند الإباضي !!!

وتتمته التي تبين أن كبار الصحابة كانوا مخالفين لهؤلاء الإباضية هي كما يلي :

(كلمة حق أريد بها باطل .

وأشار عليهم كبار الصحابة بمطاوعة علي وأن لا يخالف ما يشير به لكونه أعلم بالمصلحة


وذكر لهم سهل بن حنيف ما وقع لهم بالحديبية

وأنهم رأوا يومئذ أن يستمروا على القتال ويخالفوا ما دعوا إليه من الصلح

ثم ظهر أن الأصلح هو الذي كان شرع النبي صلى الله عليه وسلم فيه

وسيأتي ما يتعلق بهذه القصة في كتاب استتابة المرتدين إن شاء الله تعالى "


ففي هذا البتر إخفاء لما في النص مما لا يعجب هوى الإباضية ،

وهو أن كبار الصحابة كانوا مخالفين لهم ،

وأن عليا كان أعلم منهم بالمصلحة الشرعية .

وأن الصحابة اتهموا رأيهم لأنه معارض للكتاب والسنة ،

وكان إصرار الخوارج على رأيهم لنقص فهومهم عن إدراك ما تنبه له الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .


وقوله (فجاءته الخوارج ونحن يومئذ نسميهم القراء )

ليس فيه ما يدل على أنهم علماء وإنما هو كما بينا مراد به كثرة النسك والتعبد الذي أدى بهم إلى الاعتداد بالرأي دون الرجوع إلى أهل العلم بالكتاب والسنة .




2- فتح الباري ج: 12 ص: 283

( قوله باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم وقول الله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون أما الخوارج فهم جمع خارجة أي طائفة وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين وأصل بدعتهم فيما حكاه الرافعي في الشرح الكبير أنهم خرجوا على علي رضي الله عنه حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان رضي الله عنه ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لرضاه بقتله أو مواطأته إياهم كذا قال وهو خلاف ما أطبق عليه أهل الاخبار فإنه لا نزاع عندهم أن الخوارج لم يطلبوا بدم عثمان بل كانوا ينكرون عليه أشياء ويتبرءون منه وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان فطعنوا على عثمان بذلك وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة )


هكذا انتهى النص عند الإباضي !!!!

وهو رغم البتر الذي فيه ، نص صريح على ما بيناه من أن القراء هنا المراد بهم العباد النساك
لا أنهم علماء فقهاء بالقرآن والسنة .

والدليل على ذلك ما بتره الإباضي وتابعه عليه السائل طبعا حيث قال ابن حجر :

(وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة إلا أنهم يتأولون القرآن على غير المراد منه ويستبدون بآرائهم ويتنطعون في الزهد والخشوع وغير ذلك

)
فهل يستطيع أحد أن يزعم أن ابن حجر يعد أولئك القراء من العلماء الفقهاء ؟

أم من المتنطعين في الزهد والخشوع والمتأولين القرآن على غير مراد الله منه ، المستبدين بآرائهم ؟!




3-فتح الباري ج: 12 ص: 284
(يبايع له أهل الشام فاعتل بأن عثمان قتل مظلوما وتجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته وأنه أقوى الناس على الطلب بذلك ويلتمس من علي أن يمكنه منهم ثم يبايع له بعد ذلك وعلي يقول ادخل فيما دخل فيه الناس وحاكمهم الى أحكم فيهم بالحق فلما طال الأمر خرج علي في أهل العراق طالبا قتال أهل الشام فخرج معاوية في أهل الشام قاصدا الى قتاله فالتقيا بصفين فدامت الحرب بينهما أشهرا وكاد أهل الشام أن ينكسروا فرفعوا المصاحف على الرماح ونادوا ندعوكم الى كتاب الله تعالى وكان ذلك بإشارة عمرو بن العاص وهو مع معاوية فترك جمع كثير ممن كان مع علي وخصوصا القراء القتال بسبب ذلك تدينا واحتجوا بقوله تعالى ألم تر الى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم الآية )


وهذا النص تابع للذي قبله بقليل ،

وهو يحمل الدليل على أن منشأ الخوارج كان الغلو في التدين والتعبد وليس العلم والفقه ،

وأن سبب تركهم عليا كان غلوهم في التدين ، واحتجاحهم بالقرآن على غير مراد الله منه كما سبق من كلام ابن حجر .

وقد ذكر ابن حجر ما جرى بعد ذلك من الأحداث ثم قال :

( وتوسعوا في معتقدهم الفاسد فأبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الابط وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها ...) الخ

ومعلوم أن ابن حجر لا يرى أن هؤلاء القراء من العلماء الفقهاء ،

وإنما من أهل الجهل والفساد من المتنطعين الغلاة .





4-فتح الباري ج: 13 ص: 73
( جده وأبو اليقظان وغيرهما قالوا قدم بن زياد الشام وقد بايعوا بن الزبير ما خلا أهل الجابية ثم ساروا الى مرج راهط فذكر نحوه وهذا يدفع ما تقدم عن بن بطال ان بن الزبير بايع مروان ثم نكث قوله ووثب القراء بالبصرة يريد الخوارج )


وأول الكلام ساقط وهو كما يلي " وقال خليفة بن خياط في تاريخه حدثنا الوليد بن هشام عن أبيه عن جده " الخ .

وجاء بعد قوله ( ووثب القراب البصرة يريد الخوارج ) ما يلي :

" وكانوا قد ثاروا بالبصرة بعد خروج بن زياد ورئيسهم نافع بن الأزرق
ثم خرجوا الى الأهواز وقد استوفى خبرهم الطبري وغيره

ويقال انه أراد الذين بايعوا على قتال من قتل الحسين
وساروا مع سليمان بن صرد وغيره من البصرة الى جهة الشام"


وهذا يعني أن المراد بالقراء هنا غير أهل النهروان ،

وقد طالب الإباضي بالاقتصار على أيام النهروان فقط كما في آخر مقالته .

ولكنه يحاول أن يجمع كل ما يظنه يخدم هدفه دون تنبه لما ينقض عليه كل عمله .

فهؤلاء القراء المراد بهم الأزارقة
وهم عند الإباضية من أهل الضلال وممن يستحق اسم الخوارج المذموم .

أو أنهم ممن أراد الثار لمقتل الحسين ،
وبهذا لا يكون المراد بهم الخوارج .

فلا شاهد فيه في الحالتين على أن أهل النهروان أو الإباضية يطلق عليهم القراء
فضلا عن أن يراد به العلماء الفقهاء !



5-فتح الباري ج: 13 ص: 86
( فجاء به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله ألم تر الى الذين أوتو نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهو معرضون فقال علي نعم أنا أولى بذلك فقال القراء الذين صاروا بعد ذلك خوارج يا أمير المؤمنين ما ننظر بهؤلاء القوم ألا نمشي عليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا فقال سهل بن حنيف يا أيها الناس اتهموا أنفسكم فقد رأيتنا يوم الحديبية فذكر قصة الصلح مع المشركين وقد تقدم بيان ذلك من هذا الوجه عن سهل بن حنيف وقد أشرت الى قصة التحكيم في باب قتل الخوارج والملحدين من كتاب استتابة المرتدين وقد اخرج بن عساكر في ترجمة معاوية من طريق بن مندة )



قد سبق الكلام على هذا مثل هذا النص في الرواية رقم 1 .




6- فتح الباري ج: 13 ص: 289
( لا يستند الى أصل من الدين وهو كنحو قول علي فيما أخرجه أبو داود بسند حسن لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه والسبب في قول سهل ذلك ما تقدم بيانه في استتابة المرتدين ان أهل الشام لما استشعروا ان أهل العراق شارفوا ان يغلبوهم وكان أكثر أهل العراق من القراء الذين يبالغون في التدين ومن ثم سار منهم الخوارج الذين مضى ذكرهم )


سقط من أوله ( وقوله اتهموا رأيكم على دينكم أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين ) الخ

وهو واضح في تجهيل هؤلاء واتهام فهومهم وآراءهم المخالفة للدين .

وأنهم ممن يغلو ويبالغ في التدين عن جهل وتأويل فاسد ،

فابن حجر يقول في هذا النص : " وكان أكثر أهل العراق من القراء الذين ((( يبالغون))) في التدين

ومن ثم سار ((( منهم )))الخوارج الذين مضى ذكرهم
"


وفي هذا النص دلالة على أمرين :

الأول : على أنهم قراء بمعنى نساك عباد ،
لا أنهم علماء فقهاء
فهذا مما يرفضه ابن حجر رفضا قاطعا .


الثاني : أن هؤلاء القراء خرج منهم الخوارج ،
أي لم يخرج كل القراء وإنما جزء منهم ،
كما يدل عليه التبعيض في قوله ( خرج منهم الخوارج ) .

كما أن السابعي قد أورد أنه ليس كل الخوارج كانوا قراءا ، وإنما فيهم من ليس من القراء كما يقوله البعض .

ولهذا فليس كل القراء خوارج ،
ولا كل الخوارج قراء ،
وهو ظاهر واضح .



7- مسند أبي عوانة 1 ج: 4 ص: 297
6802 حدثنا عمار بن رجاء وعلي بن حرب والصغاني قالوا ثنا يعلى بن عبيد قثنا عبد العزيز يعني ابن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بالنهروان وفيم استجابوا له وفيم فارقوه وفيم استحل قتالهم فقال كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية رضي الله عنهما أرسل إلى علي بالمصحف فادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك فجاء به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون فقال علي نعم إنا أولى بذلك بيننا وبينكم كتاب الله فجاءته الخوارج ونحن يومئذ ندعوهم القراء وسيوفهم على عواتقهم فقالوا يا أمير المؤمنين ما ننتظر بهؤلاء القوم الذين على التل إلا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم فتكلم سهل بن حنيف رضي الله عنه فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فذكر مثله




سبق الجواب على مثل هذا النص في رقم ( 1) .



8- مجمع الزوائد ج: 6 ص: 237
(الله الذي لا اله الا هو لقد كان قالت فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون ذا الثدية مرتين قال قد رأيته وقمت مع علي معه على القتلى فدعا الناس فقال أتعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول رأيته في مسجد بني فلان يصلي ولم يأتوا فيه بثبت يعرف الا ذاك قالت فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق قال سمعته يقول صدق الله ورسوله قالت فهل رأيته ذلك قال اللهم لا قالت أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه الا قال صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون في الحديث رواه أبو يعلى ورجاله ثقات

وعن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال سألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال قلت فيم فارقوه وفيم استحلوه وفيم دعاهم وبما استحل دماءهم قال إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم هو وأصحابه بجبل فقال له عمرو بن العاص وأرسل اليه بالمصحف فلا والله لا نرده عليك قال فجاء رجل يحمله ينادي بيننا وبينكم كتاب الله ألم تر الى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب الآية قال علي نعم بيننا وبينكم كتاب الله أنا أولى به منكم فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء وجاؤا بأسيافهم على عواتقهم فقالوا يا أمير المؤمنين الأ نمشي الى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم فقام سهل بن حنيف فقال يا أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا قاتلنا وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل قال بلى قا أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم قال يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني أبدا فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ولما يحكم الله بيننا وبينهم قال ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله ابدا قال فنزل القرآن على محمد بالفتح فأرسل الى عمر فأقرأه فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم )


وقد سبق الكلام على هذه الرواية في رقم ( 1) .




9- سنن البيهقي الكبرى ج: 8 ص: 193
(أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أنبأ عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا بن عثمان أنبأ عبد الله أنبأ المنذر بن ثعلبة حدثني سعيد بن حرب العبدي قال ثم كنت جليسا لعبد الله بن عمر في المسجد الحرام زمن بن الزبير وفي طاعة بن الزبير رؤوس الخوارج نافع بن الأزرق وعطية بن الأسود وبحدة فبعثوا أو بعضهم شابا إلى عبد الله بن عمر ما يمنعك أن تبايع لعبد الله بن الزبير أمير المؤمنين فرأيته حين مد يده وهي ترجف من الضعف فقال والله ما كنت لأعطي بيعتي في فرقة ولا أمنعها من جماعة أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أنبأ عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا بن عثمان أنبأ عبد الله أنبأ عوف عن أبي المنهال قال لما كان زمن أخرج بن زياد وثب مروان بالشام حيث وثب ووثب بن الزبير بمكة ووثب الذين كانوا يدعون القراء بالبصرة قال غم أبي غما شديدا فقال انطلق لا أبا لك إلى هذا الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي برزة الأسلمي قال فانطلقت معه دخلنا عليه في داره فإذا هو قاعد في ظل علو له من قصب في يوم حار شديد الحر فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه قال يا أبا برزة ألا ترى ألا ترى قال فكان أول شيء تكلم به أن قال ثم إني أحتسب ثم الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش إنكم معشر العريب كنتم على الحال الذي قد علمتم في جاهليتكم من القلة والذلة والضلالة وإن الله عز وجل نعشكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بكم ما ترون وإن هذه الدنيا التي أفسدت بينكم إن ذاك الذي بالشام يعني مروان والله ما يقاتل إلا على الدنيا وإن ذاك الذي بمكة والله أن يقاتل إلا على الدنيا وإن الذين حولكم الذين تدعونهم قراءكم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا قال فلما لم يدع أحدا قال له أبي فما تأمرنا إذا قال إني لا أرى خير الناس اليوم إلا عصابة ملبدة وقال بيده خماص البطون من أموال الناس خفاف الظهور من دمائهم أخرجه البخاري في الصحيح من حديث عوف الأعرابي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار الأصبهاني ثنا أحمد بن يونس بن المسيب الضبي أنبأ جعفر بن عون أنبأ إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم وعامر الشعبي قالا قال مروان بن الحكم لأيمن بن خريم ثم ألا تخرج فقال إن أبي وعمي شهدا بدرا وإنهما عهدا إلي إن لا أقاتل أحدا يقول لا إله إلا الله فإن أنت جئتني ببراءة من النار قاتلت معك قال قال فخرج وهو يقول ولست بقاتل رجلا يصلي على سلطان آخر من قريش له سلطانه وعلي إثمي معاذ الله من جهل وطيش أأقتل مسلما جرم فليس بنافعي ما عشت عيشي )


سبق الكلام على قوله (ووثب الذين كانوا يدعون القراء بالبصرة ) عند الرواية رقم (4) .

وبينا من كلام ابن حجر أن المراد بالقراء هنا هم الأزارقة ، أو من أراد الثأر لمقتل الحسين وهم غير الخوارج ،

وفي الحالين فهو خارج عن أيام النهروان التي طالب الإباضي بالاقتصار عليها فقط .


وأما قوله ( وإن الذين حولكم الذين تدعونهم قراءكم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا)

فهو دلالة على استنكاره تسميتهم القراء بدلالة قوله ( الذين تدعونهم القراء ) ،

كما أنه لا يفيد نسبة العلم والفقه إليهم ،

ولا حتى التعبد والتدين

وإنما نسبة الطمع في الدنيا والحرص عليها ،

وقد أقسم بالله على فساد نياتهم وفساد أعمالهم بالتالي .

فهل في هذا النص من مستمسك للإباضية في مدح الخوارج ؟!

فإن أضفت إلى ذلك أن الكلام على الخوارج في خلافة ابن الزبير

وليس في أيام النهروان

فهل سيفيد ذلك الإباضي الذي يدعو إلى الاقتصار على أيام النهروان فقط .





10- مصنف ابن أبي شيبة ج: 7 ص: 558
(37914 حدثنا ابن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال اتيته فينبغي عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال قلت فيم فارقوه وفيما استجابوا له وفيما دعاهم وفيم فارقوه ثم استحل دماءهم قال إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم معاوية وأصحابه بجبل فقال عمرو بن العاص أرسل إلى علي بالمصحف فلا والله لا يرده عليك قال فجاء به رجل يحمله ينادي بيننا وبينكم كتاب الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون قال فقال علي نعم بيننا وبينكم كتاب الله أنا أولى به منكم قال فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء قال فجاؤا بأسيافهم على عواتقهم )


سبق الكلام على هذه الرواية مرارا .




11- التاريخ الكبير ج: 4 ص: 233
(2632 شبيب بن مهران أبو زياد القسملي البصري قال نا معلى بن أسد نا شبيب سمع قتادة عن أنس إنما كان هذه الرعدة في الخوارج يعني الرعدة التي في القراء ورواه أيضا زيد بن حباب)



وهذا النص فيه الدلالة على أن المراد بالقراء هم النساك العباد المتنطعين عند التعبد ،

لا أنهم أهل العلم والفقه في الدين !!


وبالمناسبة فهل الإباضية يضعفون هذا السند الذي فيه عنعنة قتادة ؟ أم أنه الكيل بمكيالين ؟


فقد قال السابعي في ( الخوارج والحقيقة الغائبة ) :

" قتادة بن دعامة السدوسي، قال ابن حجر: "ثقة ثبت، ويقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع عشرة"،

إلا أن ابن حجر عده في المرتبة الثالثة من المدلسين، وهي عنده "من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقاً، ومنهم من قبلهم"، وقد عنعن ها هنا.

فالحديث بهذه الرواية ضعيف لعنعنة قتادة

وضعف سعيد بن بشير. "



فهل يتكرم الإباضي بتوضيح موقفه من الاستدلال بعنعنة قتادة هنا ،

بينما شيخه السابعي يضعف عدة روايات مرارا بعنعة قتادة ، سواءا كانت عن أنس أم غيره .


في انتظار جواب الإباضي .





12- الطبقات الكبرى ج: 6 ص: 292
( مسلم بن أبي الجعد وقد روي عنه وقالوا كان ستة بنين لأبي الجعد فكان اثنان منهم يتشيعان واثنان مرجئان واثنان يريان رأي الخوارج قال فكان أبوهم يقول لهم أي بني لقد خالف الله بينكم
أبو البختري الطائي واسمه فيما ذكر علي بن عبد الله بن جعفر سعيد بن جعفر سعيد بن أبي عمران وقال غيره سعيد بن جبير وهو مولى لبني نبهان من طيء قال أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال لما كان يوم الجماجم أراد القراء أن يؤمروا عليهم أبا البختري )



هذا النص الذي أورده الإباضي ليس فيه دلالة على أن القراء هنا بمعنى العلماء والفقهاء ،

وإنما هي على ما ذكرنا من تفسير أهل العلم بالرواية واللغة ، يراد بها العباد النساك ، لا غير .




13- نيل الأوطار ج: 7 ص: 339
( لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له رواه أحمد ومسلم قوله باب قتال الخوارج هم جمع خارجة أي طائفة سموا بذلك لخروجهم عن الدين وابتداعهم أو خروجهم عن خيار المسلمين وأصل بدعتهم فيما حكاه الرافعي في الشرح الكبير أنهم خرجوا على علي رضي الله عنه حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لرضاه بقتلته أو مواطأته كذا قال وهو خلاف ما قاله أهل الأخبار فإنه لا نزاع عندهم أن الخوارج لم يطلبوا بدم عثمان بل كانوا ينكرون عليه شيئا ويتبرؤون منه وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان فطعنوا على عثمان بذلك وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة )



وقد سبق الكلام على هذا النص عند الرواية رقم (2) وبينا البتر الذي فيها ونقضها لمراد الإباضي من الاستدلال بها .

فإن تتمة كلام الشوكاني الذي هو عين كلام ابن حجر في الفتح قوله بعد ذلك
( إلا أنهم يتأولون القرآن على غير المراد منه ويستبدون بآرائهم ويبالغون في الزهد والخشوع

)
فهل ما زال القراء هم العلماء الفقهاء ؟



أم هم عند كل من سبق :

المنتطعون في العبادة

المبالغون فيها

أهل الشذوذ

والأصول الفاسدة

والعقائد الكاسدة ؟


ما هو تفسير ابن خلدون وابن حجر والشوكاني وغيرهم لإطلاق القراء على الخوارج ؟


هل هو كما يزعم الإباضية : (((( العلماء والفقهاء )))


أم (( الغلاة المبالغون في التعبد المتنطعون ))) ؟




ويضاف إلى جميع ما سبق :
أن إطلاق القراء على الخوارج بمعنى النساك العباد هو من مطابقة خبر النبي صلى الله عليه وسلم لحالهم .

فقد وصفهم بأنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم .

ولو نظرت نظرة سريعة إلى كل شروحات أهل العلم على هذا الوصف النبوي للخوراج لوجدته يخرج مع ما قلت من معنى القراء من مشكاة واحدة .


فهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤون القرآن بكثرة ومبالغة ودوي دون أن يعقلوه ويفهموه كما يفهمه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .



وليعلم الإباضي أن ما كتبته هنا هو ملخص مبتسر لبحثي في هذه المسألة ،

وسوف أشبعها بحثا مع أخواتها من شبهات الإباضية كلما سنحت لي فرصة لذلك .


وأنتظر الآن من الإباضي أن يوضح موقفه من النصوص التي أوردتها .

ومن البتورات التي وقع فيها من قلده وتابعه

وبتورات مشايخه

وموقفه من عنعنة قتادة عن أنس في الرواية المذكورة ، وكيف يوفق بينها وبين ما فعله السابعي الإباضي في كتابه المشار إليه .


كما أتمنى أن يحاول توثيق النصوص من الكتب حتى تقل الأخطاء في النصوص ، ولا يكون منقوص الطرفين ، كما هو ظاهر في الأعلى .



وسوف يعرف القراء من الذي سيتعلق بالقشة حتى لا يغرق ، ومن الذي سيكون رده بعلم وحلم .


 

التعليقات

 
 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لشبكة ( من هم الإباضية )