Follow @twitterapi
ضلال الإباضية في أصل الولاء والبراء ( ومظاهر الغلو في براءتهم من غير الإباضي)!!!!!!!

الموضوع : ضلال الإباضية في أصل الولاء والبراء ( ومظاهر الغلو في براءتهم من غير الإباضي)!!!!!!!

القسم : براءة الإباضية من الأمة الإسلامية واضطهاد مخالفيهم |   الزوار  : 9571

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه
أما بعد:
فإن الولاء والبراء أصل من أصول الإسلام.
"وهما مظهران من مظاهر إخلاص المحبة لله ، ثم لأنبيائه وللمؤمنين،
والبراء مظهر من مظاهر كراهية الباطل وأهله ، وهذا أصل من أصول الإيمان"
(من مقدمة الشيخ عبد الرزاق عفيفي لكتاب الولاء والبراء في الإسلام : للقحطاني:5).

ويقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله في (بيان النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك :ص 14):
" إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم – أي الولاء والبراء- بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده"
(بواسطة المصدر السابق:9).

ومع وضوح هذا الحكم في كتاب الله وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم،
إلا أن فرق الخوارج والشيعة قد ضلوا فيه ضلالا بعيدا ،
فصار الولاء عندهم منصرفا لمن كان موافقا لهم على ضلالهم ،
والبراء لمن كان مخالفا لهم في أهوائهم وبدعهم.

فنجد أن " فرقة الخوارج قد انحرفت في مفهوم الولاء والبراء ، فهي لا تتولى إلا من يدين بنحلتها القائمة على تكفير مرتكب الكبائر.
وموقفهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يتولون أبا بكر وعمر ويتبرأون من عثمان وعلي"
(الولاء والبراء في الإسلام ، للقحطاني: 254- مع تصرف يسير).

وأما براءة الرافضة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وموالاتهم لأعداء الأمة من الكفار والمشركين فهو أمر أشهر من أن يشهر ، و لا يخفى على عاقل لبيب، فلا نتعرض لذكره هاهنا.

و لكن نذكر ضلال خوارج بني إباض في عقيدة الولاء والبراء ،

وقبل ذلك نذكر بعض نصوص الكتاب والسنة , وأقوال أهل العلم التي قعدت في وضوح ويسر لهذا الأصل العظيم ،
ليعلم بما هو عند أهل السنة من الحق ما عند بني إباض من الباطل والضلال.

فأصل الولاء والبراء عند أهل السنة هو لازم من لوازم لا إله إلا الله:

يقول الله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين،
ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير)

ويقول الله تعالى (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله)

ويقول تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء.
بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)

وقال صلى الله عليه وسلم : (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعادة في الله ، والحب في الله، والبغض في الله).


ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (مجموع الفتاوى :28/208-209):
"والمؤمن عليه أن يعادي في الله ، ويوالي في الله ،
فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه ، فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية ،
قال تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ، فإن بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ،
فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ، وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ، إنما المؤمنون إخوة ) فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي والأمر بالإصلاح بينهم.

فليتدبر المؤمن الفرق بين هذين النوعين ، فما أكثر ما يلتبس أحدهما بالآخر ،
وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك ، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك ،
فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله ، فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه ،
والإكرام لأوليائه والإهانة لأعدائه ، والثواب لأوليائه والعقاب لأعدائه.

((((وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر ، وفجور وطاعة ومعصية ، وسنة وبدعة ))): استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ،
واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر ،

فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة ، فيجتمع له من هذا وهذا ،
كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته.

هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة ، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه .
فلم يجعلوا الناس لا مستحقا للثواب فقط ، ولا مستحقا للعقاب فقط."

وقال أيضا ( مجموع الفتاوى : 28/228-229):

"فأما الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعاداة فإنما تكون بالأشياء التي أنزل الله بها سلطانه ، وسلطانه كتابه ،
فمن كان مؤمنا وجبت موالاته من أي صنف كان .ومن كان كافرا وجبت معاداته من أي صنف كان.
قال تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ،
ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)

وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ).
وقال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) .
وقال تعالى : ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) .
وقال تعالى : (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ،
أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه )

ومن كان فيه إيمان وفيه فجور أعطي من الموالاة بحسب إيمانه ، ومن البغض بحسب فجوره ،
ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد الذنوب والمعاصي ، كما يقوله الخوارج والمعتزلة ،
ولا يجعل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان والدين، والحب والبغض، والموالاة والمعاداة .
قال الله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ،
فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين ) -إلى قوله- ( إنما المؤمنون أخوة)
فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي."

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى : 28/578):
" ومعلوم انه في كل طائفة بار وفاجر ، وصديق وزنديق ،
والواجب موالاة أولياء الله المتقين من جميع الأصناف ، وبغض الكفار والمنافقين من جميع الأصناف .

والفاسق الملي يعطى من الموالاة بقدر إيمانه ، ويعطى من المعاداة بقدر فسقه ؛
فان مذهب أهل السنة والجماعة أن الفاسق الملي له الثواب والعقاب ، إذا لم يعف الله عنه .

((( وانه لابد أن يدخل النار من الفساق من شاء الله ))). وإن كان لا يخلد في النار أحد من أهل الإيمان
بل يخلد فيها المنافقون ،كما يخلد فيها المتظاهرون بالكفر." ( وانظر الفتاوى الكبرى : 4/33)

****
وينقسم الناس بحسب الولاء والبراء إلى ثلاثة أصناف:

(الأول : من يحب جملة :
وهو من آمن بالله ورسوله ، وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظام علما واعتقادا. وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله ،
وانقاد لأوامره وانتهى عما نهى الله عنه ورسوله ، وأحب في الله ووالى في الله ، وأبغض في الله وعادى في الله ،
وقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد كائنا من كان.

الثاني : من يحب من وجه ويبغض من وجه :
فهو المسلم الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، فيحب ويوالى على قدر ما معه من الخير ، ويبغض ويعادى على قدر ما معه من الشر ،

ومن لم يتسع قلبه لهذا كان ما يفسد أكثر مما يصلح ..

وإذا أردت الدليل على ذلك ... فهذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب الخمر ، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلعنه رجل وقال : ما أكثر ما يؤتى به . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " (رواه البخاري)
مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.

وذكر ابن حجر من فوائد هذا الحديث( 12/78):
(وفيه الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه والأمر بالدعاء له

وفيه : أن لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب
لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المذكور يحب الله ورسوله مع وجود ما صدر منه
وأن من تكررت منه المعصية لا تنزع منه محبة الله ورسوله
ويؤخذ منه تأكيد ما تقدم أن نفي الإيمان عن شارب الخمر لا يراد به زواله بالكلية بل نفي كماله كما تقدم
ويحتمل أن يكون استمرار ثبوت محبة الله ورسوله في قلب العاصي مقيدا بما إذا ندم على وقوع المعصية وأقيم عليه الحد فكفر عن الذنب المذكور
بخلاف من لم يقع منه ذلك فأنه يخشى عليه بتكرار الذنب أن يطبع على قلبه شيء حتى يسلب منه ذلك نسأل الله العفو والعافية)

الثالث : من يبغض جملة :
وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ولم يؤمن بالقدر خيره وشره وأنه كله بقضاء الله وقدره ، وأنكر البعث بعد الموت ،
أو ترك أحد أركان الإسلام الخمسة ، أو أشرك بالله في عبادته أحدا من الأنبياء والأولياء والصالحين ، وصرف لهم نوعا من أنواع العبادة
كالحب والدعاء والخوف والرجاء والتعظيم والتوكل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح
والنذر والإنابة والذل والخضوع والخشية والرغبة والرهبة والتعلق ،
أو ألحد في أسمائه وصفاته ، واتبع غير سبيل المؤمنين وانتحل ما كان عليه أهل البدع والأهواء المضلة ،
وكذلك كل من قامت به نواقض الإسلام العشرة أو أحدها). ( إرشاد الطالب للشيخ سليمان بن سحمان : 19، بواسطة الولاء والبراء للقحطاني:136)

وقال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى : 3/285):
"ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضا موالاة الدين لا يعادون كمعاداة الكفار،
فيقبل بعضهم شهادة بعض ، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض ، ويتوارثون ويتناكحون،
ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك"

==============
فتلخص مما سبق :
1- أن الولاء والبراء أصول من أصول أهل السنة والجماعة.
2- أن الولاء والبراء من لوازم ومقتضيات لا إله إلا الله.
3- أن الولاء والبراء يكون بحسب شرع الله لا بالهوى والبغي.
4- أن الناس في الولاء والبراء يتفاوتون بحسب الشرع إلى ثلاثة أصناف:
أ?- فالمؤمنون الموافقون لشرع الله لهم الولاية الكاملة.
ب?- والكافرون المشركون لهم البراءة الكاملة.
ت?- والموحد الذي خلط عملا صالحا وسيئا ، واجتمعت فيه موجبات الولاية والبراءة ، والحب والبغض ، والمدح والذم ،
يحب ويوالى على قدر ما معه من الخير ، ويبغض ويعادى على قدر ما معه من الشر. ولا يسوى بينه وبين الصنفين السابقين.
5- أن الولاية والبراءة والحب والبغض يجتمعان في الشخص الواحد ، خلافا للخوارج والمعتزلة.
6- أن المعتبر في الولاء والبراء هو موافقة الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ،
لا على أسماء ومذاهب وأشياخ وطرق يوالى عليها ويعادى.

==================

وبعد هذا العرض الموجز لمعتقد أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء :
ننتقل إلى الحديث عن موقف الإباضية من الولاء والبراء وذلك من خلال كتبهم التي يعتمدونها في مذهبهم.
وحينها سنجد أن الإباضية كبقية فرق الخوارج قد غلوا في باب الولاء والبراء ،
حتى أخرجوا الأمة الإسلامية كلها من دائرة الولاء إلى دائرة البراء ، إلا طائفة من الصحابة ممن مات قبل الفتنة ،
أو ادعى الإباضية أنه كان موافقا لأهل النهروان غير مخالف لهم ولا معتقد ضلالهم ،
ولم يغير أو يبدل كما غير وبدل عثمان وعلي في زعمهم الكاذب.

بل تمادى الأمر بالإباضية حتى جزموا بأنه لن يدخل الجنة إلا من كان إباضيا !!!!

وأن من مات على غير الدين الإباضي فهو خالد في النار بلا شك ولا ريب.

وأن مخالفهم عدو لله رب العالمين!!!!!

وسنجد أن من ضلال الإباضية في الولاء والبراء أنهم جعلوا أهل القبلة صنفين فقط، صنف يوالى مطلقا وهم من كان على الدين الإباضي ،

وصنف يتبرأ منه مطلقا وهو من خالف الدين الإباضي
سواء كان من غير الإباضية أصلا ،
أو هو إباضي لكنه خالف المذهب فيما يوجب البراءة منه عندهم.

فلا يجتمع عندهم الولاء والبراء في الشخص الواحد حتى لو وجدت فيه موجبات الحب والبغض والولاء والبراء والمدح والذم والإكرام والإهانة.

كما سنجد من ضلال الإباضية في الولاء والبراء :
أنهم يبرأ بعضهم من بعض إذا اختلفوا في شخص بين متول له ومتبرء منه،
فإن تولى أحدهم شخصا فبرأ منه آخر عنده لزمه أن يبرء من ذلك المتبرء ،
على تفصيل وتعقيد لديهم في ذلك كما سيأتي ذكره.

وإن تبرأ أحدهم من شخص لم يجز له أن يدعو له بخير الدنيا من عافية ورزق ونحوهما إلا تقية
أو لمصلحة تعود على الإباضية من حصول ذلك له.

أما الدعاء لغير الإباضي بخير الآخرة فلا يجوز له حال حياته إلا على سبيل التقية والتورية
بأن يريد برحمك الله أنه خلقك ،
وغفر الله لك أي سترك بالثياب.
وأما الدعاء له بالرحمة والمغفرة في الآخرة فلا تجوز بحال من الأحوال.

وأما الدعاء له بخير الآخرة في حال موته فهو مما لا يجوز مطلقا ،
حتى وإن صلى الإباضي على الجنازة - قياسا منهم ذلك على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنافقين-
لم يدع له بالمغفرة ولا بالرحمة ولا بأي شيء ، حتى ولو كان أبا أو أما أو ابنا أو صديقا.
وإنما يتجاوزه في الدعاء ويدعو لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ( أي الذين هم من الإباضية)
إذْ أن المراد عند الإباضية بالمؤمن والمسلم هو من كان إباضيا لا غير .

وأما غير الإباضي فلا يطلقون عليه هذا الاسم الشريف بل يسمونه :
الكافر (أي كفر نعمة يخلده في النار)، والفاسق ، والمنافق ، وعدو الله ، ومن أهل الخلاف ، ومن أهل القبلة .
بينما لفظ الشرك خاص باليهود والنصارى والوثنيين.

كما أننا سنجد من غرائب المسائل عند الإباضية :
قولهم بأن من جاء الخبر القطعي بأنه من أهل الجنة فإنه وإن رأيناه ارتد قبل موته أو أشرك
فلابد لنا وإن طبقنا عليه أحكام المرتد أن نعتقد بلا شك أنه في الجنة قطعا ،

فجوزوا أن يموت من جاء الخبر القطعي بأنه من أهل الجنة وهو مرتد مصر في الظاهر على الردة!!!!
فما أغرب هذه المسألة !!

هذه ملاحظات يسيرة قبل الدخول في ذكر ما قاله الإباضية في الولاء والبراء ، وسوف يأتي لها زيادة بسط وإيضاح في ما بعد.

وسنذكر أولا الولاء والبراء كما هو عند الإباضية ،

ثم نذكر بعد ذلك آثار هذا الضلال في تعاملهم مع الأمة الإسلامية ،
ومظاهر الغلو عندهم في ذلك.

وقد اعتمدت في توضيح معتقد الإباضية في الولاء والبراء وتصوير مسائله وترجيحاتها على كتاب : ( مشارق أنوار العقول )
لشيخهم وإمامهم نور الدين عبد الله بن حميد السالمي،
بتعليق مفتي عام السلطنة أحمد بن حمد الخليلي ، نشر مكتبية الإمام نور الدين السالمي.

ونسأل الله أن يهدي الإباضية إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم.

عقيدة الإباضية في الولاء والبراء:

- موضوع علم الولاء والبراء عند الإباضية وحده:
يقول السالمي في (مشارق أنوار العقول : 435) في موضوع علم الولاء والبراء وحده:
"فعلم من هنا أن محل الولاية والبراءة : أحوال المكلف ، فهي موضوع هذا العلم ،
أي فأحوال المكلف هي موضوع علم الولاية والبراءة .

وحده : هو العلم بأحوال المكلف التي يعلق بها خطاب الشارع"

- ثمرة علم الولاء والبراء عند الإباضية:
وقال في ثمرة هذا العلم (مشارق : 436):
"وثمرته : التوصل إلى رضوان الله في موالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وهو الفوز الأكبر والمقام الأفخر.
ومن ثمرته : ائتلاف المؤمنين واجتماع شملهم ، فينتظم أمرهم .
ومجانبة الفساق واعتزالهم والسلامة من مخالطتهم "


- كثرة مؤلفات الإباضية في الولاء والبراء:
قال السالمي في (مشارق أنوار العقول: 436):
"واعلم أن علمائنا رحمهم الله تعالى قد جعلوا علم الولاية والبراءة علما قائما بنفسه ،
وأفردوا فيه مصنفات عديدة ما بين مطول ومختصر ، وآخذ بأقصى غايته ومقتصر.
وقد وضعنا له من هذه المنظومة هذا الركن لعلمنا أنه نوع من علم الاعتقاد ،
وما في هذا الركن إن شاء الله تعالى واف بالمراد".

- تعريف الولاء والبراء عند الإباضية :
تعريف الولاء:
قال السالمي (مشارق 437):
" فأما الولاية : فهي لغة : القرب والقيام للغير بالأمر والنصر والاهتمام بالمصالح والحفظ والاتصال .
يقال : فلان موال لفلان إذا كان مقربا له وقائما بأمره ونصره ومهتما بمصالحه وحافظا لغيبته ومتصلا به في مواضع الاتصال.
قال القطب رحمه الله : وعلى هذا تنبني الولاية الشرعية.
أي وعلى ما ذكر من بيان تعريف الولاية اللغوية ينبني تعريف الولاية الشرعية .
فجميع ما ذكر هنالك من فصول التعريف هو موجود هنا

لكن الولاية الشريعة شاملة لولاية العباد بعضهم لبعض ولولاية الله لهم
فلا يصح أن تعرف الولاية الشرعية بذلك التعريف لأنه غير جامع لها .

(بيانه ) : أن من بعض قيوده الاهتمام بمصالح الغير والاتصال به والله عز وجل يتعالى عن ذلك .
فالتعريف المذكور خاص بولاية العباد بعضهم لبعض.

أما ولاية الله لعباده : فهي توفيقه إياهم لطاعته وإعانتهم عليها ونصرته لهم على أعداءهم الذين من جملتهم أنفسهم وشياطينهم.

وأصل الولاية : الموافقة في الدين .
فكل من وافقك في الدين فهو وليك سواء علمت بموافقته أو جهلتها ، أو برئت منه (بالظاهر) لحدث عرفته منه وهو قد تاب ورجع عنه".

* حكم الولاية :
قال السالمي (مشارق: 438):
" وأما حكم الولاية فهو الوجوب لمن اتصف بصفة الإيمان".

* تعريف البراء:
قال السالمي (مشارق:439):
" والبراءة هي لغة : البعد عن الشيء والتخلص.
يقال : فلان بريء من كذا إذا بعد عنه أو تخلص منه.
قال القطب رحمه الله : وعلى ذلك تنبني البراءة الشرعية.
ثم عرف البراءة الشرعية بما نصه :
وشرعاً: البغض والشتم واللعن للكافر لكفره.
قوله : للكافر لكفره. أي : لأجل كفره . أي يكون البغض والشتم واللعن للكافر إنما هو بسبب كفره ،
لا بسبب شيء آخر غير الكفر، فإن ذلك لا يسمى براءة في الشرع".


حكم البراءة : قال السالمي (مشارق:439):
"قوله ( وهكذا براءة الذْ فسقا) أي : ومثل الولاية في ثبوت الفرضية البراءة من الفاسقين مطلقا: أي كانوا مشركين ، أو أهل كفر نعمة .
فالبراءة منهم واجبة بنص الكتاب العزيز وإجماع المحمدية ".

وقال (مشارق: 441):
"واعلم أن الأمة مجمعة على وجوب البراءة من أعداء الله جملة ،
لكن اختلفوا في ثبوتها تفصيلا في الأشخاص
فمذهب الأصحاب ثبوتها في الأشخاص مستدلين :
أن العلة التي لأجلها وجبت البراءة في الجملة إنما هي الإخلال بشيء من أوامر الله تعالى ، أو ارتكاب شيء من مناهيه،
فإذا وجدنا هذه العلة في شخص بعينه وجب علينا أن نجري عليه الحكم الذي أوجبته هذه العلة .
فثبت القياس قطعيا
للقطع بأن علة الحكم في الأصل هي ما ذكرنا ، وهي مقطوع بوجودها في الفرع فثبت الحكم قطعا".


- موجب الولاء والبراء:
قال السالمي (مشارق : 448):
"اعلم أن موجب الولاية هو الموافقة في القول والعمل.
وأن موجب البراءة هو المخالفة فيهما، أو في أحدهما .
هذا ما اتفق عليه أصحابنا، واختلفوا في الموافقة بالقول قبل معرفة العمل:
فأوجب بعضهم الولاية به ومنعها آخرون، والأول أصح"


- أقسام الولاء والبراء :
وهي ثلاثة :
1) ولاية الحقيقة ، وبراءة الحقيقة.
2)الولاية بحكم الظاهر ، والبراءة بحكم الظاهر.
3) ولاية الجملة ، وبراءة الجملة.

قال السالمي في (مشارق أنوار العقول : 444):
"فهذه ستة أقسام بالنظر إلى كل قسم من أقسام الولاية والبراءة :
ولاية الحقيقة، وولاية الحكم بالظاهر ، وولاية الجملة ، فتلك ثلاثة أقسام للولاية.
والقسم الرابع براءة الحقيقة ، والخامس براءة الحكم بالظاهر ، والسادس براءة الجملة".


وسنذكر كل قسم وما يتضمنه من التعريفات والأحكام والصور كما هو عند الإباضية.

1)ولاية الحقيقة ، وبراءة الحقيقة:

سبب التسمية: قال السالمي (مشارق 446):
"إنما سمي هذا القسم (حقيقة) لموافقته ما في نفس الأمر ، أو لثبوته بعدم التغير والانتقال بخلافه في قسم الظاهر".

طرق هذا القسم:
قال السالمي (مشارق : 441):
" ولهذا القسم طريقان :
أحدهما : أن يرد الكتاب بما يوجب ولاية أحد أو البراءة منه." .
ثم قال (442):
" الطريق الثاني : ما نطق فيه رسول من رسل الله أن فلانا من أهل السعادة أو من أهل الشقاوة "

وقال في الوجوه التي جاءت في الطريق الأول ( 441-442):
"وهذه الطريق على وجوه:
أحدها : من صرح باسمه : كالأنبياء المخصوصين بأسمائهم في الولاية ، وكإبليس وفرعون وهامان في البراءة.
الثاني : من كني عنه : كأم موسى وامرأة فرعون في الولاية ، وكأبي لهب في البراءة .
الثالث: من جاء مبهما لم يخص باسم ولا بكنية : كمؤمن آل فرعون، والمذكور في قوله تعالى ( وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى ) من أهل الولاية،
وكالذي حاج إبراهيم في ربه من أهل البراءة"

وقال في وجوه الطريق الثانية وهي السنة ، (442):
" وفيه الوجوه المتقدمة .
وشرطوا في هذا الطريق أن يسمع السامع من لسان الرسول ذلك الكلام حين نطقه به ،
وأن يكون السامع ينظر إلى شفتي الرسول عند النطق.

أما إذا نقل له العدول أن الرسول قال في فلان كذا بما يقتضي السعادة أو الشقاوة، فليسوا عليه بحجة في (الحقيقة).

بل ولا يجوز له أن يقطع (بحقيقة) قولهم لاحتمال الكذب ،
إلا إذا بلغوا رتبة لا يمكن تواطؤ مثلهم على الكذب عادة ، فإذن الخبر يكون حينئذ من باب المتواتر، والمتواتر مقطوع بصدقه.

إما إذا لم يكونوا بتلك المنزلة بأن كانوا اثنين أو ثلاثة أو نحو ذلك
فرفعوا عن الرسول ما يقتضي الولاية بالحقيقة في شخص بعينه ،
فإن على من نقل إليه [أن] يتولى ذلك الشخص (بولاية حكم الظاهر)
وحكمه عنده في جميع أحواله حكم الولي ( بالظاهر).

أما إذا نقلوا ما يقتضي البراءة في شخص معين فليسوا بحجة على المنقول إليه
إلا إذا جاؤوا بذلك النقل على سبيل الشهادة ،
كأن قالوا نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في فلان كذا .
فإنه يلزم المشهود معه أن يبرأ بشهادتهم براءة حكم (الظاهر).

وإنما قلنا أنهم ليسوا بحجة في نقل ما يقتضي البراءة بخلاف ما يقتضي الولاية؛
لأن أمر البراءة أشد من أمر الولاية، لأنه خلع مسلم من الدين . والولاية هي إبقاء مسلم على إسلامه ...
وإنما قلنا أن شهادتهم بأن الرسول قال في فلان ما يقتضي البراءة حجة على المشهود معه [كذا]
، لأن شهادتهم عن لسان الرسول ليست بأدنى قوة من شهادتهم على إقرار الفاعل بالكبيرة ،
فإنهم متى ما شهدوا بإقراره على نفسه بكبيرة لزم قبول شهادتهم".


***من ضلالهم في هذا القسم :
قال السالمي في (مشارق أنوار العقول: 445 -446) :
" واعلم أن هنا مسألة أحببت أن أسمعك إياها وإن تعذرت صورتها في زماننا
لكن لتنبه بها على أصل حكم السلف الصالح ،

وهي ما إذا كان لك ولي في الحقيقة ففعل ما يوجب حدا أو ارتد والعياذ بالله .

وجب عليك إقامة الحد عليه وقتاله على ارتداده إن كنت ممن يقوم بذلك وأنت تقطع أنه ولي لله في ( الحقيقة)
بأن تعلم أنه لا يموت إلا على حالة يرضاها ربه لوجوب القطع بصدق خبر الشارع .

وإجراء الأحكام الظاهرية عليه إنما هي بحسب إتيانه لموجباتها
فهي نافذة حكما ظاهريا على جميع من فعل أسبابها المناطة بها،

فإذا مات على حال شرك في الظاهر مثلا ، لزم تنزيله حيث نزل نفسه في أحكام الظاهر : كترك الصلاة عليه وعدم دفنه في مقابر المسلمين وعدم ميراثه كذا قالوا.

وعندي فيه خلاف ذلك :
فإنه متى ما فارقت روحه الدنيا لزمنا القطع أنه مات على توبة مقبولة ، وإن لم نطلع عليها
لأن الله لا يغفر أن يشرك به،
وقد أخبرنا أن هذا من أهل الجنة ،
فبضم كل واحد من الخبرين إلى الآخر يحصل القطع بأنه مات على توبة من شركه.

وإذا قطعنا بذلك لزمنا تنزيله منزلة المسلمين فتجب الصلاة عليه، ويجوز ميراثه لورثته المسلمين ودفنه في مقابر المسلمين.

والأصحاب رحمهم الله تعالى جعلوا هذه الأشياء من جملة الأحكام الظاهرية التي سبب نفوذها وجود الشرك في الظاهر ،
وأنت خبير بأن الشرك منحسم عن هذا الولي حين موته فهو مسلم قطعا.

فإذا عرفت هذه القاعدة فاعلم أن بقية أصحابنا من أهل النهر رضي الله تعالى عنهم
إنما حكموا بقتل من قتل أصحابهم
لفعله بحكم الظاهر ما يستوجب به القتل : وهو قتل المسلمين.
فقتله لهم لا ينافي كونه سعيدا عند الله تعالى،
وإن صح خبر سعادته مع قاتله فإجراء حكم القتل عليه إنما هو بحسب الظاهر ،
أما إذا لم يصح خبر سعادته عند قاتله أو عند أحد من المسلمين وجب أن يبرأ منه بحكم الظاهر
، لما ارتكبه من موجب البراءة : وهو قتل المسلمين ، حتى تعلم له توبة من ذلك .

تنبيه: الولي بالحقيقة لا يصح أن يبرأ منه أصلا ولو فعل موجب البراءة في الظاهر،
وإنما تبغض منه تلك الأفعال التي توجب البراءة الظاهرية لا ذاته.

وكذا العدو بالحقيقة : فإنه وإن فعل موجبات الولاية بالظاهر فإنما تحب منه تلك الأفعال لا ذاته،
لعلمنا بما سيصيران إليه.ولا يصح لنا الرجوع عن علمنا.

فإذا عرفت هذا فاعلم أن الولي لله تعالى ولي دائما أبدا وإن أشرك.
وأن العدو لله تعالى عدو دائما وإن أطاع .
لاستحالة تغير علمه تعالى ، فسقط قول النكار : أن المرء عدو لله في حالة معصيته ، ولي لله في حال طاعته".


2) الولاية بحكم الظاهر ، والبراءة بحكم الظاهر:

محلها :
قال السالمي (مشارق 444):
"القسم الثاني : الولاية بحكم الظاهر والبراءة بحكم الظاهر ،
ومحلها مكلف ظهر منه موافقة أو مخالفة دينية".

*طرق البراءة بحكم الظاهر :
قال السالمي (مشارق : 449):
" ولكل واحد من موجبات الولاية والبراءة طرق.
فأما طرق البراءة فهي أربع متفق عليها:
أحدها: العيان :
أي المشاهدة، وذلك أن تشاهد مكلفا يرتكب كبيرة لا يحتمل له فيها عذر،
فالواجب عليك البراءة منه.وسيأتي لهذه الطريق زيادة بسط في الباب الرابع من هذا الركن.

الطريق الثاني: الإقرار:
وهو أن يقر المكلف بأنه فعل كبيرة ولم يتب منها، أو أنه أقر بذلك على سبيل السرور بها ، أو على سبيل الافتخار بها.
فإنه يجب على من سمعه أن يبرأ منه ، لا إذا أقر بها على سبيل الندم والتحسر على ارتكابها فإن هذا تائب منها.

الطريق الثالث: شهادة العدلين بأن فلانا فعل كبيرة وسيأتي بسطه.

الطريق الرابع: الشهرة التي لا دافع لها على أن فلانا فعل كذا وسيأتي بيانها".

*وقال السالمي في تعريف الطريق الثالث من طرق البراءة (مشارق 450):
"قوله (أو شهادة) عدلين اثنين كل منهما يشهد بما يشهد به الآخر.
فخرج بقولنا (كل منهما يشهد بما شهد به الآخر ) :
ما إذا شهد أحدهما أن فلانا ارتكب كبيرة هي كذا ،
وشهد الآخر بأنه ارتكب كبيرة غير الكبيرة التي سماها الأول، فإنه لا يبرأ بشهادتهما حينئذ.

أما إذا أجملا في شهادتهما كأن قالا أن فلانا فعل كبيرة ولم يسمياها فتجب البراءة بشهادتهم إذا كانوا علماء بالكبائر والصغائر؛
لأن شهادتهم حينئذ متفقة، وللعدلين أن يشهدا بذلك الإجمال، ولو علم كل واحد منهما منه بكبيرة غير التي علم بها الآخر منه".

وذكر السالمي قولا بالبراءة بقول العدل الواحد فقال في (المشارق: 450):
"وقيل : يبرأ بقول العدل الواحد إذا كان ذكرا.
وقيل : وإن كان أنثى، كما قيل بذلك في الولاية. صرح به القطب رحمه الله في البراءة بالسماع على قولين.

أقول : وهؤلاء القائلون بثبوت البراءة بقول العدل الواحد وبالسماع نظروا إلى أن البراءة عبادة لا إسقاط حق للغير ،
وكثير من العبادات يثبت بالظن،
ويحصل بخبر العدل وبالسماع ظن قوي تترتب عليه عبادات كثيرة."

ثم ذكر (450) تعريف العدل بأنه:" هو الموافق في الدين الملازم للتقوى والمروءة،
فخرج بقولنا (الموافق في الدين) : المبتدع في دينه المعتقد خلاف الحق"!!!!!

**وقال السالمي في شرح المراد بالشهرة (المشارق: 451):
"قوله (أو حق قد أتى بشهرة) : المراد بالشهرة هنا التواتر.
فهما عبارتان لمعنى واحد كذا عندنا وعند الشافعية،
أما الحنفية ففرقوا بينهما وجعلوا للشهرة منزلة دون منزلة التواتر ، والخلاف لفظي.

وفي قول الناظم ( أو حق أتى بشهرة) : إشارة إلى أن الموجب للبراءة من طريق الشهرة إنما هو الحق الذي جاءت به الشهرة لا الشهرة نفسها.
فخرج بذلك الشهرة غير المحقة : كشهرة الشيع بالبراءة من : الصديق والفاروق وعائشة وأهل النهر رضوان الله عنهم.

وسئل الإمام أبو سعيد رضي الله عنه عن الشهرة المحقة فقال:
معي أنها تكون على معان كثيرة، في وجوه كثيرة،
ومبلغ ثبوتها ووجوبها وورود علمها على الممتحن فيها من المبتلي بها من تظاهر صحة الأخبار بها على غير تناكر من أهلها تقوم بهم الحجة فيها،
ولو كثر التناكر والاختلاف من غير أهلها على سبيل الدعوى وإنكار اليقين فيها.اهـــ

وحاصله أن لشهرة الحق شرطين:
أحدهما : أن تكون صادرة عن أهلها.
وثانيهما: أن لا يعارضها من أهلها معارض.
مثال ذلك : أن يصدر من بعض المحقين خبر ويصدر من البعض الآخر خبر يخالفه،
كل واحد من الخبرين المتعارضين آحادي ليس بشهرة.
أما إذا كان الإنكار صادرا من غير أهلها فلا يعبأ به.
وذلك كأنكار أهل الخلاف للشهرة القاضية بحقية أهل النهر!!!!!!
فإنه إنكار صادر على سبيل الدعوى منهم"!!!!!!!

وقال السالمي في بيان أهل الشهرة (المشارق : 451):
"وها أنا أبين أهل الشهرة فأقول :
هم جماعة لا يمكن تواطؤ مثلهم على الكذب عادة، بأن كانوا من جهات شتى ، فلا يشترط فيهم تعيين عدد خلافا لمن قال بتعيين العدد فيهم "

*** طرق الولاية بحكم الظاهر :
قال السالمي (مشارق : 449):
" وأما طرق الولاية فهي أربعة أيضا : ثلاثة منها متفق عليها، وواحد مختلف فيه.

فالمتفق عليها هي : العيان أي مشاهدة (الوفاء) بدين الله ، ورفيعة العدلين (للوفاء)، والشهرة (بالوفاء).
وأما المختلف فيه : فهي رفيعة العدل الواحد (للوفاء) بدين الله ، وسيأتي بسطه إن شاء الله تعالى"

وقال السالمي في (المشارق 454):
"هذا بيان الطرق المؤدية للولاية وهي ثلاثة متفق عليها ، وواحد مختلف فيه.
فالثلاثة المتفق عليها هي : المشاهدة ، وشهادة العدلين ، والشهرة الحقية".

وقال السالمي في سبب عدم اعتبار الإقرار طريقا للولاية بخلاف البراء (المشارق:454):
"فإنه لا يثبت للمقر ولاية، لأن المقر بالوفاء لنفسه مدع لنفسه، فلا يثبت له إقراره حكم الولاية على الغير .

والمراد بالإقرار هنا : هو ادعاء الوفاء بدين الله، لا الإقرار بما يجب الإقرار به :
كالتلفظ بالجملة فإنه قد تقدم أن الخارج من الشرك إلى الإسلام تجب ولايته من حين ما أقر بالإسلام ،
فإقراره الإسلام إتيان بما وجب عليه من الإقرار لا ادعاء فلا يرد على المصنف ذلك".

*وقال السالمي في شرح المراد بالمشاهدة في طرق الولاية (المشارق : 455):
" فأما المشاهدة وهي المعبر عنها في النظم بالعيان :
فهي أن تشاهد من المكلف الإتيان بالواجبات والمسارعة إلى المندوبات ،
اجتناب المحرمات والتجافي عن المكروهات فنتولاه على ذلك،
ونحسن به الظن في تأدية الفرائض التي لا تشاهد منه كحق الزوجة ،
وكذا نحسن به الظن في اجتناب المحرمات في الحال التي نفارقه فيها.

هذا كله إذا رضيت منه جميعا أفعاله المسموعة والمبصرة ،
ووافق القلب على قبول ذلك ،
وإنما شرطنا موافقة القلب على قبول ذلك ؛
لأن من ظهرت منه أمارات الكبر أو الحسد أو الرياء أو شيء من المحرمات لا يتولى على ذلك،
وهذا معنى قول الأصحاب رحمهم الله : الولاية اصطفاء، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: (استفت نفسك يا وابصة وإن أفتوك وأفتوك)".

وقال السالمي في بيان المراد بالشهرة في طرق الولاية (المشارق: 455-456):
" وأما شهرة الحق : فهي أن تتواطأ الأخبار من جماعة لا يمكن تواطؤ مثلهم على الكذب عادة.

واعلم أن الشهرة هنا أوسع منها في البراءة لأنها في البراءة لا تثبت إلا شهرة الحق.
وفي الولاية تثبت بمجرد الظن أنها حق.

(((( فشهرت نسبة النونية التي فيها قدم القرآن عن الإمام ابن النظر رحمه الله تعالى شهرة دعوى، لأن فيها نسبة الكبائر إليه، وتلك الكبائر هي:
تفسيق أهل الحق وهو أحدهم،
والقول بأن القرآن المتلو بالألسن قديم .
فشهرتها عنه كشهرة البراءة عند الشيع من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما)))."

وقال السالمي في شهادة العدل الواحد بالولاية في (المشارق : 456-457):

"والصحيح أن خبر الواحد العدل بالولاية موجب لها. سواء كان ذكرا أو أنثى ، عالما كان أو غير عالم ،
لكن لا تجب برفيعة غير العالم إلا إذا فسر السبب الذي استحق به ذلك المتولي الولاية ،
أو رفع الولاية عن عالم بالولاية والبراءة،
وذلك كما إذا قال العدل الضعيف أن الشيخ فلانا يقول أن فلانا ولي.
وإنما قلنا أن الصحيح وجوبها بخبر العدل الواحد لأن خبر العدل الواحد يفيد الظن ،
والولاية مبنية على ظن الخير ،
وإنما قلنا بالتفصيل بين خبر العدل العالم وغيره فلم نوجبها بخير غير العالم إلا إذا فسر السبب لما سيأتي بيانه ..."

وبين السالمي السبب في هذا التفريق بقوله (المشارق : 457-458):
"والفرق بين العلماء والضعفاء :
أن الضعفاء وإن كانوا عدولا فلا يؤمن منهم أن يرفعوا البراءة في موضع ليس هو محل البراءة ، أو الولاية في موضع ليس محلا للولاية على ظن منهم أنما رفعوه كذلك.
فإذا فسروا السبب نظر فيه المرفوع له ، فإن رآه موجبا لشيء من ذلك حكم به، وإلا تركه."

*** أحكام الولي بحكم الظاهر:
قال السالمي في (المشارق : 458) :
"والمراد بأحواله هنا :
- كونه ممن تجب ولايته على العامة أو على الخاصة فقط.
- وكونه مرتكبا لمحجور في الظاهر مع احتمال حقه فيه.
- وكونه تاركا لفرض لزمه"

** أصناف الأولياء بحكم الظاهر :
قال السالمي (المشارق : 458-459):
"اعلم أن الأولياء صنفان:
صنف تجب ولايتهم على جميع أهل مصرهم وجميع من بلغه خبرهم ، وهم :
- (أئمة العدل) الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر :
كأبي بكر الصديق ، وعمر الفاروق ، وعبد الله بن يحيى الكندي، والجلنداء بن مسعود الولي ، وعزان بن قيس رضي الله عنهم .
- (وأئمة الدين) الذابون عنه بالأدلة والبراهين ، الكاشفون لشبه الملحدين ، الملزمون للمعاندين :
كعبد الله بن إباض ، وأبي الشعثاء جابر بن زيد رضي الله عنهما.

فأهل هذا الصنف كلهم تجب ولايتهم على أهل مصرهم ومن بلغهم خبرهم ، ويسع جهلهم من لم يبلغه خبرهم .
ولا يحل لأحد ولو اطلع على كبيرة منهم أن يبرأ منهم مع من لم يعلم كعلمه فيهم؛
لئلا يبيح من نفسه البراءة .
نعم يبرأ منهم في نفسه من غير أن يطلع أحد على ذلك،
ويتولى من يتولاهم من أولياءه؛ لأن كلا مخصوص بعلمه".

وفي (المشارق : 459) :
"الصنف الثاني : لم تجب ولا يتهم على العامة ، وإنما تجب على من بلغه موجب ولايتهم بإحدى الطرق المتقدم ذكرها.
فمن علم بكبيرة من أهل هذا الصنف لا يحل أن يبديها مع من علم أنه يتولاه ؛
لئلا يبيح من نفسه البراءة معه.
واختلفوا في جواز البراءة عند من لم يعلم أنه يتولاه ،
فذهب بعضهم إلى جواز ذلك، لأنه لم تجب له ولاية على الكل، والأشياء على إباحتها ما لم يمنع مانع .
وبعض يمتنع من ذلك لئلا يصادف وليا له فيكون قد أباح من نفسه البراءة مع من يتولاه.

وقال آخرون : إن فعل ذلك صغيرة من الذنوب، ورده الإمام رضي الله عنه.
أما إذا كان فسقه مشتهرا بين الأنام فلا بأس بإبداء البراءة منه، وإشهارها
لقوله عليه الصلاة والسلام: ( أذيعوا بخبر الفاسق ليحذر الناس شره ، ما لكم وللمنافق قولوا فيه ما فيه)
ويدخل تحت هذا الصنف البراءة من أئمة الضلال المتدينين، والجبابرة المعتدين،
فإن إشهار البراءة في مثلهم مما يندب إليه لئلا يغتر جاهل بما هم عليه،
أو يظن ظان بسكوت المسلمين عن الإنكار عليهم رضى بفعلهم ، وربما وجب الإنكار عليهم ،
وذلك كما إذا كان المسلمون في حيز القدرة في الإنكار عليهم، ويسقط الوجوب مع عدم القدرة على الإنكار ، وتبقى الفضيلة لمن أنكر ،
فإن قتل على ذلك كان من أفضل الشهداء، أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر يقتل عليها صاحبها".

وقال السالمي في (المشارق: 460):
" قوله (وفي ولي) : أي القول في ولي أو والحكم في ولي وجبت ولايته على الخلق إذا اطلعت على موجب البراءة منه
فحكمه أن تبرأ منه سريرة، ولا تبدي ذلك مع غيرك لئلا تبيح من نفسك البراءة معه".

وقال في (المشارق: 460-461):
" قوله ( والذي نطقْ بها جهارا)
أي والذي يظهر علمه بالبراءة ممن وجبت ولايته على العامة مع من لم يعلم كعلمه في ذلك الولي
فقد استحق للبراءة منه لأنه لا يحل له أن يبدي ذلك مع من لم يعلم أنه يعلم كعلمه،

لأن ولاية ذلك الولي واجبة على الكل،
ولا يجوز لأحد أن يبدي البراءة من أحد مع من يتولاه
لأن ذلك المتولِي – بالكسر- يجب عليه نصرة المتولَى – بالفتح – والذب عنه وعن عرضه وعن دينه،
فإذا قدح فيه قادح عنده صار مبيحا من نفسه البراءة
على أنه يجب عليه أن لا يبيحها من نفسه وأن لا يظهر ما يخالف حكم الشريعة ، وإن كان محقا في السريرة."

قال السالمي في ( المشارق : 462) في شرح هذا البيت
ومتبر من ولي لك قل *** بكفره إن لم يتب عما فعل
"والمعنى أنه إذا كان لك ولي فلا يجوز لأحد أن يبرأ منه عندك ولو اطلع على ما يوجب البراءة منه،
فإن بريء منه متبر عندك فاستتبه، فإن تاب فذاك المطلوب.وإن أبى عن التوبة فابرأ منه.

قال الشيخ ابن أبي نبهان: إن لم يتب فنبهه أن التوبة عليه واجبة ، فإن أبى فابرأ منه،
وكذلك حكم من قذف وليك بكبيرة أو قال برئ مني فلان الولي بلا موجب
استحق به البراءة لأنه إذا قال بذلك فقد رماه بكبيرة،
ويستثني من هذه القاعدة أربع مسائل..." الخ.

** تعريف العدل عند الإباضية في باب الولاء والبراء:
يقول السالمي في (المشارق:450-451):
"والمراد بالعدل هو : الموافق في الدين ، الملازم للتقوى والمروءة .
فخرج بقولنا (الموافق في الدين) : المبتدع في دينه المعتقد خلاف الحق." ( وقد تقدم ذلك )

**قال السالمي في (المشارق : 468-471):
"اعلم أنه إذا اختلف المختلفان في الدين فلا يجوز أن يكون كلاهما محقين ،
ويجوز أن يكون كلاهما مبطلين ،
وأن يكون أحدهما محقا والآخر مبطلا .
فإذا وقع ذلك في حضرتك أو بلغك علمه من حيث لا تشك فيه ، فلا يخلو هذان المختلفان من أحد أمرين :
إما أن يكونا وليين لك فيما تقدم ، أو غير وليين،
فإن كانا غير وليين فيما تقدم فأنت في سلامة من أمرهما ،
اللهم إلا أن يكون المحق منهما عالما فيقيم الحجة عليك ببطلان من خالفه ، فحينئذ يلزمك أن تبرأ من المبطل على المذهب المختار ،
أو يكون الحدث في الجملة فلا يسعك الجهل بضلال المضل ،
أو يكون الحدث في تفسيرها فأنت على ما تقدم من الاختلاف ،

وإن كانا وليين لك فيما تقدم فلا يخلوان من أحد أربعة أمور:
إما أن يكونا ضعيفين معا، أو عالمين معا،
أو المحق عالما والمبطل ضعيفا ، أو العكس.

-فإن كانا ضعيفين معا فلك في أمرهما طريقان:
الطرق الأول: تنزيلهما من ولاية الدين إلى ولاية الرأي .
معنى ولاية الرأي على ما صرح به العلامة الصبحي وغيره: أن تعتقد أنك تتولى المحق منهما ، وتبرأ من المبطل.

الطريق الثاني: أن يقف عنهما موقوف رأي .
ومعنى وقوف الرأي : أن تعتقد أنك واقف عنهما لما عنَّ لك في الأمر المشكل، بحيث لا يجوز أن يكون فيه كلاهما محقا،
وتعتقد مع ذلك أنك تتولى المحق منهما ، وابرأ[كذا] من المبطل.

فتخلص مما ذكرنا : أنك إذا توليتهما برأي يجوز لك أن تدعو لهما كما كان للولي بشريطة .

وإذا وقفت عنهما بالرأي فلا يجوز لك أن تدعو لهما بما يستحقه الولي حتى يتبين لك المحق منهما فتواليه ، والمبطل فتعاديه .

- وإن كان كلاهما عالما فلا يجوز لك إلا أن تتولى المحق منهما على ما كان عليه من ولاية الدين وتبرأ من المبطل بدين.
وهذه إحدى طريقتين فيه.

والطريقة الثانية: لا يلزمك البراءة من المبطل منهما إذا لم يتبين لك ضلاله بل يجوز لك أن تتولاه برأي ، وأن تقف عنه برأي ،
وهذه الطريقة موقوفة على شرطين :
أحدهما : أن لا تجمع المختلفين في ولاية الدين.
وثانيهما : أن لا تبرأ من المحق منهما لأجل قوله بالحق ، وأن لا يتقف عنه برأي ولا دين.


- وإن كان المحق عالما والمبطل ضعيفا فهما بمنزلة أن لو كانا عالمين .

- وإن كان المبطل عالما والمحق ضعيفا فهما بمنزلة أو لو كانا ضعيفين.

قوله (مما يوجب كفر واحد) أي منهما ، والمراد بالكفر ما هو أعم من الشرك وكفر النعمة.

واحترز بالخلاف الموجب لكفر واحد منهما عن الخلاف الذي لم يوجب كفرا ،
كما إذا اختلفا في شيء من المسائل الاجتهادية ولم يضلل بعضهم بعضا.
قوله ( فانبهما): أي فخفي حكمه على السامع والألف للإطلاق.

قوله (تولى بالرأي): أي تولاهما ولاية رأي .وولاية الرأي هنا هي :
أن تبقيهما على ولا يتهما الأصلية مع اعتقاد البراءة من المبطل منهما،
وفي غير هذا الموضع وهي :
أن تتولى وليك على أصل ما كان عليه من الولاية مع اعتقاد البراءة منه إن كان حدثه يخرجه من الولاية إلى البراءة.

وولاية الرأي هي ولاية الشريطة ، وبعضهم يعبر بولاية الشريطة عن الولاية في الجملة.

وأما براءة الشريطة فهي أن تبرأ من الفاعل إن كان حدثه يفضي به إلى البراءة ،

وبراءة الشريطة ملازمة لولاية الرأي أي لا تكون ولاية الرأي في أحد إلا وتلازمها فيه براءة الشريطة.

واعلم أن التعبير بولاية الرأي وبراءة الشريطة عما ذكرنا إنما هو اصطلاح لأئمتنا أهل المشرق ،
أما أئمتنا من أهل المغرب فليس معهم هذا الاصطلاح،
وإنما يجعلون الولي على ولايته لكن يلزمون المكلف اعتقاد البراءة من كل عدو لله .
فهم متفقون معنى في هذا المقام ، وليس في الاصطلاح مشاحة.

قوله (وإن شئت فقف وقوف رأي) إي وإن شئت فقف عنهما وقوف رأي لا وقوف دين.

ووقوف الرأي هو أن تعتقد أنك واقف عنهما لما أشكل عليك من أمرهما حتى يتبين لك حق واحد منهما،
فترده إلى ولايته وبطلان الآخر فتبرأ منه ،

وهذا المذهب لبعض أئمتنا من أهل عمان.
ومثلوا لذلك بالآنية النجسة إذا اختلطت بالأواني الطاهرة ،
وبلحم الميتة إذا اختلطت بالمذكى ، وبالزوجة إذا اختلطت بغيرها من النساء ولم تعلم .
فإنه يجب الوقوف في جميع هذه الأمثلة حتى يتبين المباح من غيره.

واعلم أن الفرق بين وقوف الرأي ووقوف الدين :
هو أن وقوف الرأي إنما تقف عن الولي أو عن الوليين
حتى يتبين لك أن ذلك الحدث الذي وقفت لأجله لا يكفر به صاحبه ، فترجعه إلى الولاية .

ووقوف الدين : إنما تقف عن المكلف لما جهلت من حاله ولا ينقله عن هذا الوقوف إلا موجب الولاية أو موجب البراءة.

والفرق بين وقوف الرأي وولاية الرأي:
أن ولاية الرأي إبقاء الولي على ولايته مع اعتقاد البراءة منه إن كان حدثه يفضي به إلى البراءة .
ووقوف الرأي هو خروج عن حيز الولاية .

وثمرة الخلاف فيهما أن المتولي بولاية الرأي يصح أن يدعى له بخير الآخرة ، ولا يصح في الموقوف عنه برأي كما تقدم".


3) ولاية الجملة ، وبراءة الجملة:
قال السالمي في (مشارق أنوار العقول : 444):
"وصورتها :
أن يعتقد المكلف ولاية أهل طاعة الله من الأولين والآخرين إلى يوم الدين : انسهم وجنهم وملائكتهم ،
وأن يعتقد البراءة من جميع أهل معصية الله من الأولين والآخرين انسهم وجنهم إلى يوم الدين ،

وهذا القسم هو الذي عبرنا عنه بعقيدة الإنسان ،
وإنماعبرنا عنه بذلك لأنه لا بد لكل مكلف أن يعتقده دينا.

وقسما : الحقيقة والظاهر وإن [ وجبا] فوجوبهما لا على عموم المكلفين ، بل على من وصل إليه علم ذلك."

ويقول السالمي في (مشارق أنوار العقول : 444-445):
"أما ولاية الجملة وولاية الحقيقة فلا يصح أن يفترقا
لأن من أخبر الصادق بولايته عند الله تعالى هو الذي اعتقدت أنت ولايته في الجملة ،
وكذلك براءة الحقيقة وبراءة الجملة ،
فعلم من هذا أن ولاية الحقيقة لا تكون في شخص متبرأ منه في الجملة ، وكذا العكس.

وكذا ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة لا يصح اجتماعهما في شخص بعينه لئلا يلزم كذب الصادق

، وكذا الولاية بحكم الظاهر والبراءة بحكم الظاهر لا يجتمعان في حال واحد لتضاد أسبابهما ،

لكن الولاية بالظاهر قد توافق ولاية الحقيقة وقد تخالفها ،
وبراءة الظاهر قدتوافق براءة الحقيقة وقد تخالفها ،
وذلك فيما إذا كان ولاية الولي بالحقيقة ، وبراءة العدو بالحقيقة لم تبلغ هذا المتولي والمتبرئ بحكم الظاهر.
أما إذا بلغته وجب عليه الأخذ بالحقيقة وترك الظاهر لما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى ،

وكذا كل واحد من الولاية والبراءة بحكم الظاهر قد توافق الولاية في الجملة وقد تخالفها

فيصح أن يكون الشخص الواحد في الحال الواحد وليا بالحقيقة عند فلان عدوا في الظاهر عند غيره .
وأن يكون عدوا في الحقيقة وليا في الظاهر بهذا الاعتبار ،
وكذا يصح أن يكون وليا في الظاهر عدوا في الجملة وبالعكس.
ولا يصح أن يكون وليا عدوا في الحقيقة ولا وليا في الحقيقة عدوا في الجملة وهكذا."



*** الوقوف:
قال السالمي (المشارق : 474) :" وأخر هذا الباب عن الذين قبله لأن المصير إليه عند تعذر موجبات الولاية والبراءة ،
وقدمه على الذي يليه [ يعني الباب الرابع في الصغائر والكبائر من الذنوب. أبو المظفر] لأنه ضد الولاية والبراءة فناسب أن يذكر عقبهما".

• تعريفه:
قال السالمي (المشارق 474):
" الوقوف لغة : انتصاب القامة.
واصطلاحا : هوالكف عن القدوم في أحد بولاية أو براءة."

• حكم الوقوف:
قال السالمي (المشارق: 474):
"وهو في موضعه واجب لقوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : (وأمرٌ أشكل عليك فقف عنه ) ،
وقوله عليه والصلاة والسلام : ( المؤمن وقاف والمنافق وثاب ).
وعلى هذا أجمعت الأمة المحمدية ، فوجوبه ثابت بالكتاب والسنة والإجماع."

• أقسام الوقوف:

قال السالمي ( المشارق: 474):
"وله أقسام خمسة كلها مختلف فيها إلا الأول فإنه محل الإجماع الذي ذكرناه.
وكلها لا يجوز الأخذ به على خلاف في بعضها إلا الخامس الذي هو وقوف الشك.

القسم الأول : وهو المجتمع عليه ، وقوف الدين: وسماه بعضهم وقوف السلامة.
ومحله: في مكلف لم تعلم حاله بصلاح ولا فساد، فإنه يجب عليك الوقوف عن ولايته وعن البراءة منه دينا.
وفي الكفاية: وقوف السلامة هو أن يقف عن الفتيا بجهله بعدلها [كذا] ، ويتولى العالم المفتي بها
أو يقف عن المحدث ويتولى من برئ منه من العلماء،
أو يقف عن المحق ويتولى من تولاه من العلماء،
فإن وقف عن المفتي والمتولي والمتبرئ فقد دخل فيما لا يسعه جهله
لأنه قد وقف وقوف الشك المهلك لأهله وعلى هذا فأقسام الوقوف ستة.

القسم الثاني: وقوف الرأي :
ومحله : فيما إذا كان لك ولي أحدث حدثا لا تدري أنت حكمه،
فإنه يجوز لك عند بعضٍ أن تقف عنه حتى تعلم حكم حدثه ، فترده إلى الولاية إن كان حدثه له يخرجه منها.

القسم الثالث: وقوف السؤال : وهو وقوف الرأي بعينه ،
لكن بعض القائلين بوقوف الرأي أوجبوا على الواقف وقوف الرأي : السؤال عن حكم حدث وليه ،
فسموا الوقوف مع اعتقاد السؤال عن حكم الولي وقوف سؤال ، فهو مع من قال به ملازم لوقوف الرأي.

القسم الرابع: وقوف الإشكال :
ومحله : في الوليين إذا تلاعنا أو تقاتلا ولم يعلم المبطل منهما من المحق ،
فإن بعض الأصحاب جوز الوقوف عنهما لما أشكل من أمرهما حتى يعلم المحق منهما فيتولى ، والمبطل فيبرأ منه ،
وسموا هذا الوقوف وقوف إشكال لا يخفى أنه نوع من وقوف الرأي.

القسم الخامس : وقوف الشك :
وهو أن يقف الواقف عن ولاية جميع الناس ، فلا يتولى أحدا منهم إلا من شك مثل شكه ،

وهذا الوقوف محرم لا يجوز الأخذ به لما فيه من ترك ولاية المحق بعد وجوبها ،
ولما فيه من الولاية لمن ترك ولاية المحق بعد وجوبها أيضا."

وقال السالمي (المشارق : 476) :" فهذه الوقوفات كلها مختلف فيها ما عدا الأول ،
والمختار عندي وفقا لجمهور أهل المغرب عدم جوازها لما فيها من الرجوع عن اليقين إلى الشك ، ومن العلم إلى الجهل.

(بيان ذلك ) أنه إذا كان لك ولي فأنت على يقين من ولايته ،
فإذا أحدث حدثا لا تعرفه وتركت ولايته لذلك كنت راجعا عن يقينك فيه إلى الشك ،
وربما كان ذلك الحدث الذي جهلته أنت فعل طاعة فتترك ولايته لأجلها ،
فالواجب عليك في وليك أن تبقيه على ولايته حتى تعلم ضلاله ،
واعتقاد البراءة في الجملة من كل ضال مجز لك إن كان حدثه قد أخرجه عن حد البراءة ،
فأنت تتولاه على ما عندك من العلم السابق ، وتبرأ منه في الجملة إن كان عدوا لله."


============================
من مظاهر الغلو عند الإباضية في الولاء والبراء
عدم الدعاء لغير الإباضي ولو كانا والديه!!!!!!!!!
============================

- منع الدعاء لغير الولي ، والتأمين على دعائه، ونماذج من التقية في ذلك:

وفي (بيان الشرع : 2/157)تأليف محمد بن إبراهيم الكندي ، طبع وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان 1405هــ - 1984م :
"مسألة :
وسئل الفضل بن الحواري : هل أؤمن على دعاء من لا أتولاه إذا دعا لي ؟
قال : لا ."

=======
وفي (بيان الشرع : 2/ 160):
"مسألة :
قلت : رجل يدعو له رجل ليس بولي يرد عليه آمين ، هل تكون هذه ولاية ؟
قال فيه اختلاف : فقد قيل تكون ولاية ، وقد قيل غير ذلك.
قلت : وإن قال له : جزاك خيرا ؟
قال : هي ولاية."

=========
وفي (بيان الشرع : 2/158) :
"مسألة :
قلت : المنافق تجوز أن يدعى له بالعافية؟
قال : إذا كان للداعي في ذلك نفع فجائز ، وليس ذلك ولاية إذا لم يعتقد."

==========
وفي (بيان الشرع : 2/162) "
" باب ما يجوز من الكلام للولي :
وقال لا يجوز أن يقال الرجل غير ثقة: هذا رجل صالح.،
ويقال هو هذا مؤمن ومسلم [كذا] ، هذا ما وجدته من منثورة لم أعرف مصنفها.
عن أبي الحواري ، وعمن يقول لمن لا يتولاه : عظم الله أجرك ، وأصحبك الله – نسخة: – وصحبك الله ، أو رحمك الله ، من باب التقية ،
أو استحياء منه كان من الأهل أو من غيرهم ، أو جار له هو ، وهو يبرأ منه،
فقد قيل : إن الجار له تقية ، والصديق له تقية ، فيجوز له ذلك الذي وصفت ،
ويعنى بذلك كله في الدنيا ، وإذا نوى ذلك جاز له لمن كانت له تقية ، أو لم تكن له تقية ".

============
وفي (بيان الشرع : 2/ 162):
"مسألة :
ومما يوجد عن أبي عبد الله محمد بن محبوب رحمه الله :
سألت : هل يجوز أن يقول لمن لا يتولاه : أكرمك الله ، أو أحسن الله إليك؟
فنعم يجوز ذلك.

قلت : فهل يقول له : أحسن الله جزاءك ، أو ذكرك الله بخير ، أو بارك الله فيك أو عليك ،
أو نصرك الله ، أو كلأك الله ، أو صحبك الله ، أو كان الله معك ، أو سلمك الله؟

فلا أرى ذلك أن يقول شيئا من هذا لمن لا يتولاه."

============
وفي (بيان الشرع : 2/163):
" ومن غيره :
قال : وقد قيل : إنه يجوز أن يقول لمن لا يتولاه أحسن الله جزاءك في الدنيا،
وذكرك الله بخير الخير في الدنيا.
وبارك الله فيك ، ومن بركته العافية التي يتقوى بها على الطاعة والمعصية ، ويسير بها ويقربها .
وأما بارك الله عليك ، فهو أضيق ، وكذلك نصرك الله ، وقد يجوز ذلك على معنى الدنيا.

وكذلك كلأك الله ، يجوز في معاني الدنيا، وصحبك الله ، وكان الله معك برحمته في الدنيا ،
والسلامة منه وكذلك سلمك الله، قد يجوز على معاني سلامة دنياه ، ويعينه في دنياه."

============
وفي (بيان الشرع : 2/176) :
"باب ما يجوز أن يدعى به لمن يتولى أو لا يتولى أو لا يجوز:
أيجوز أن يقال لغير الولي بعد موته عفا الله عنه أم لا ؟
لا يجوز ذلك لغير الولي من المتقين على الإطلاق ،
إلا أن يعتقد أن الله عفا عنه ، لم يأخذه بالعقوبة في حال معصيته".

============
وفي (بيان الشرع : 2/ 176):
"مسألة :
يجوز أن يقال لغير الولي برك الله [كذا، وصوابه : بارك الله. أبو المظفر] أم لا ؟
هذا على وجه الإخبار أن الله قد أصابه برحمته ونعمته ، فلا بأس.
وإن كان على وجه الدعاء له بالرزق والمعافاة فلا بأس بذلك إذا كان للمؤمنين فيه نفع ونصر ، وبالله التوفيق."

============
وفي (بيان الشرع : 2/176):
"مسألة :
وسألته : هل أقول لمن لا أتولاه رحمك الله؟
قال : ما أحب ذلك أن يجوز بها له ، ولا حياك الله ، ولا مرحبا."

============
وفي (بيان الشرع : 2/177):
"مسألة:
ومن غيره ، ولا يجوز الترحم على الفساق ، ولا ينبغي للمسلم أن يفعل ذلك ،
فإن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره)"
ومعلوم أن الإباضية يعنون بالفساق من كان من أهل القبلة على غير مذهبهم.

===================
وفي (بيان الشرع : 2/178-179):
"ومن لم يعرف حال والديه من أهل الولاية هما أم من أهل البراءة ، فإنهما معه على الولاية ،
إلا أن يصح أنهما من أهل البراءة!!!!!!

الدليل على ذلك قول الله تعالى : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه
فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ) هكذا عن أبي محمد.

وعن أبي قحطان : أنهما إن كانا من أهل الولاية تولاهما ، واستغفر لهما في حياتهما ، وبعد وفاتهما ، وذلك حق لله يجب لهما.

وإن كانا من أهل العداوة برئ منهما ، وحرمت عليه محبتهما ،
ولم يحل له أن يستغفر لهما في حياتهما ، ولا بعد وفاتهما !!!!!!!!!!!!

وإن لم يتبين له أمرهما أمسك عنهما ، وعن ولا يتهما وعداوتهما ، وكان أمرهما إلى الله عز وجل.

وقال أبو الحسن : ومن لم يعرف من والديه إلا الجميل ، وليس لهما معرفة بالدين والورع الكامل ،
فجائر له أن يسترحم عليهما ، ويستغفر لهما في حياتهما ،
ولا يجوز له ذلك فيهما بعد موتهما!!!!!!!!!!!!
وإنما يجوز ذلك للولي المسلم، كما قال الله تعالى ،
كل من لا يتولى فلا يدعى له برضا الله ، لأن رضا الله هو الجنة فلا يدعى له بذلك.

وقال: لا يدعى له بالمغفرة ، وذلك عندنا يتصرف ، وإذا صرفه الداعي لمعنى لأن المغفرة ستره. [كذا]

وقال أبو محمد : ومن لا ولاية له ، ففي الترحم بنية يحضرها المترحم اختلاف ،
من قال بإجازة ذلك قال : يصرف النية إلى الله : قد رحمه لما أخرجه حيا .
والرحمة يوجد : أحداها أنها رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنها رحمة من الله عز وجل ،
ويقال : الليل والنهار من رحمة الله تعالى أيضا."

=================
وفي (بيان الشرع : 2/183):
"مسألة :
يجوز أن يقال لغير ولي : لا شق الله عليك أم لا ؟

ما أرى جواز ذلك في غير ولي ،
وجائز في الولي بالتقييد ، إذا أراد به لا عذبك الله ، لأن في العبادات مشقة على النفس،
وقد قال الله تعالى: ( إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس)
وقال تعالى : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم )."

================
وفي (بيان الشرع : 2/180) :
" باب ما يجوز أن يقال لأهل التقية:

من منثورة الشيخ أبي محمد : وسألت الشيخ أبا محمد عن قول القائل : غفر الله لك لغير ولي ،
أو ممن يجب عليه البراءة؟

فقال: لا يجوز أن يقال : هذا الغير ولي إلا على معنى.

قلت : وما ذلك المعنى ؟
قال : المغفرة مأخوذة من الستر ،
وإذا كان معنى القائل لمن دعا له بهذا يريد الإخبار على ما هو عليه مما يستر الله عليه من اللباس فيما مضى ، جاز ذلك !!!!!!!!
وأما إن أرسل القول على غير نية ، وأراد بذلك المغفرة للذنوب ، والقبول من الله ، فذلك لا يجوز!!!!!!!!!!!.

مسألة :
منها ، قال : ويجوز أن يقال للمنافق : أنت كماسير [كذا] ، ويعنى أنه كماسير قرينة إبليس !!!!!

ويقول : إنه جيد ، ويعنى أنه جيد لأهل ، ومما فعل مما يجوز به القائل للقائل."

===============
وفي (بيان الشرع : 2/181):
" مسألة :
من الزيادة المضافة من كتاب الأشياخ:
قلت لبشير : رجل يبلغني عنه الكلام الذي يؤذيني ولا يصح ذلك بشاهدي عدل ،
فيكون في نفسي عليه الوجد ، وأنا لا أتولاه ولا أبرأ منه ،
هل لي أن أدعو له بشيء من أمر الدنيا ، وقلبي لا يحب له ذلك ،
فأكون قد قلت بلساني ما ليس في قلبي ،
فكأني رأيته يريد أن لا بأس بذلك؟
قال: إذا لم يكن له حرمة الإسلام والمحبة دعا له بأمر الدنيا."

================
وفي (بيان الشرع : 2/220):
" وعن رجل دعا على رجل أن يذهب الله ماله ؟
قال : إن كان من أهل الولاية ، أو ممن لا تجب عليه البراءة ، فلا يجوز ذلك ،

وإن كان ممن يستحق البراءة بنفاق أو غيره ، فهو حقيق بذلك ،
ولا أبقى الله له مالا يتقوى به على عمل معصية الله على معنى قوله."

وقد ذكرنا أن المراد بالمنافق عند الإباضية هو كل من يكن موافقا لمذهبهم من أهل القبلة الموحدين.

=======================
وقال عبد العزيز بن إبراهيم الثميني المصعبي في ( كتاب معالم الدين :2/120)
وهو من مطبوعات وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان 1407هــ- 1986م :

"إذا عرفت الولاية وترتيبها فاعلم أن سبب وجوبها الأعمال الصالحة ،
بأن يكون الشخص المستحق لها موافقا في المذهب ،
موفيا بدين الله عز وعلا ، بمعنى أن تكون أخباره ومذاهبه مقبولة."


*وذكر في شروط ولاية الأشخاص في غير المنصوص عليه شروط منها:
"وأن يوافقك في مذهبك الخاص بك " (معالم الدين، للثميني المصعبي:2/122)


وفي (معالم الدين للثميني المصعبي: 2/164) في ذكر من ليس منهم :
"ولا من قال : أن أهل القبلة -أي أصحاب التوجه إلى الكعبة في صلاتهم – جميعا في الولاية ،
فالمراد بهم المقرون بالجملة وإن لم يتبعوهم بالعمل."

==============
وفي (معالم الدين للثميني المصعبي: 2/126)فيمن يجب البراءة منهم في براءة الأشخاص:
"وبراءة كل من رجع من الإسلام إلى الشرك ،
أو من أهل الوفاق إلى أهل الخلاف"!!!!!!!!!

=============
وقال محمد بن سعيد الكدمي في كتاب (الاستقامة :1/9)
وهو من مطبوعات وزارة التراث القومي والثقافة 1405هــ - 1985م :
"باب ذكر اختلاف أهل الدعوة في الأحداث الواقعة بعمان:
وذلك أنا وجدنا أصل ما اختلف فيه المسلمين [كذا] من أهل عمان على اتفاق منهم على ما يجب به اسم أهل الاستقامة من الأديان ،
هو الحدث الواقع بأهل عمان من أمر : الصلت بن مالك ، وموسى بن موسى ، وراشد بن النضر ، وعزان بن تميم ،
فلا نعلم أنه جرى بين المسلمين من لدن محبوب بن الحاصلي الرحيل [كذا]،
ووائل بن أيوب غزالى محمد بن محبوب ، وعزان بن الصقر اختلاف في دين.

بل صحيح معنا أن دين هؤلاء رحمهم الله دين المسلمين وهو :
دين أهل الاستقامة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وخاتم النبيين ومن دان بدينهم إلى يوم القيامة.

ويخالفه [كذا] بوجه من الوجوه فهو مستحق لولاية رب العالمين ،
لا شك عندنا في ذلك ولا ريب.

وأن من خالف دين هؤلاء الذين وصفناهم بوجه من وجوه الخلاف لدينهم ،
فإنه مخالف بذلك دين النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ودين المؤمنين !!!!!!!!!

وأنه بذلك عدو لرب العالمين!!!!!!!!!

وأنه من أهل عقوبة الله وسخطه كائنا من كان من العالمين ،
ممن تعبده الله بطاعته ، وأعد له الثواب عليها ، وتعبده بترك معصيته ، وأعد له العقاب عليها."

================
وفي (بيان الشرع :4/274-275):
" ومن غير كتاب المعتبر أحسبه من كتاب الاستقامة :
وأجمع أهل العلم أنه لا يجوز شهادة العدول من قومنا الذين يدينون بخلاف ديننا:
على أحد من المسلمين في الحدود ، ولا فيما يوجب عليهم الكفر ،
أو الخروج من ولاية المسلمين إلى عداوة ، أو وقوف أو براءة .
لأنهم خصماء للمسلمين في ذلك ، ولا يجوز قبول قول مدع ولا شهادة خصم ،
بذلك جاء الإجماع من أهل العلم من المسلمين.

واختلفوا فيما بعد ذلك :
فقال من قال : لا تجوز شهادتهم عليهم في شيء من الأحكام ، لأنهم غير مرضيين،

لأن الله تعالى قال: ( ممن ترضون من الشهداء) فهم غير مرضيين ، لأنهم خائنون لدين الله !!!!

وقال من قال: تجوز شهادتهم في الحقوق ما كان ذلك متعلقا في الأموال الخاصة ، مثل الديون
والإقرارات ، والوصايا والمواريث ،
ولا تجوز في الأبشار، ولا الفروج ، مثل الطلاق والعتاق ، والعدد ،
وما يشبه هذا مما يدخل فيه أحكام الفروج.

وقال من قال : تجوز شهادتهم في كل ما وافقوا فيه المسلمين بالدينونة فيه ،
ما عدا ما يكفر به المسلمون والحدود.

وقال من قال: تجوز شهادتهم في كل ما وافقوا فيه هم المسلمين ، ولا يدينوا بخلافهم ،
حتى أنه قد قيل : أنه تجوز شهادتهم عليهم في القود والقصاص ، ويقاد بشهادتهم المسلم ،
ويقتص منه وهو على ولايته ، لأن ذلك يخرج مخرج الحقوق ، ولا يخرج مخرج الحدود.

وقال من قال: لا تجوز شهادتهم عليهم ، لا في ذلك ولا فيما يتعلق به الحدود من الحقوق ،
مثل السرق والمحاربة التي يجب بها القطع والغرم.

وقال من قال: تجوز شهادتهم في ذلك في الحقوق ، ويغرمون المال المتعلق به الحد ،
ولا تقام عليهم الحدود بشهادتهم ، لأن الحدود من المكفرات ،

وأجمع المسلمون أنه تجوز الشهادة من العدول من قومنا على بعضهم بعضا في جميع الحدود
والحقوق والقصاص وجميع الأحكام الجارية بين أهل القبلة ،

وكل فرقة منهم تجوز شهادتهم على بعضهم بعضا ،
وعلى سائر الفرق من الروافض والشيع والقدرية والمرجئة والخوارج ،
وجميع من دان بخلاف دين المسلمين ،

لأنهم أهل ملة واحدة ، وكفر ونفاق، يجمعهم اسم الملة ، واسم الكفر والنفاق!!!!!!!!!!!!!!

وأجمعوا أن الشهادة العدول من قومنا جائزة على جميع ملل أهل الشرك
من عبدة الأوثان والنيران من أهل العهد وأهل الكتاب في جميع الحقوق ،
وما يثبت عليهم من الحدود ، إذا كان في ذلك ثبوت حق الله ،
أو للعباد من حق أو حد."

 

التعليقات

 
 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لشبكة ( من هم الإباضية )